وقال العلّامة ابن قُدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأصل في قصر الصلاة: الكتابُ والسنةُ، والإجماع:

أما الكتاب فقول اللَّه تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101].

قال يعلى بن أمية: قلت لعمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، وقد أَمِنَ الناس؟ ، فقال: عَجِبتُ مما عجبتَ منه، فسألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقال: "صدقةٌ تصدق اللَّه بها عليكم، فاقبلوا صدقته"، أخرجه مسلم.

وأما السنة: فقد تواترت الأخبار أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَقْصُر في أسفاره حاجًّا، ومعتمرًا، وغازيًا.

وقال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: صحبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى قُبِضَ -يعني في السفر- وكان لا يزيد على ركعتين، وأبا بكر حتى قُبض، وكان لا يزيد على ركعتين، وعمر وعثمان كذلك.

وقال ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: صليت مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ثم تفرقت بكم الطرق، ووَدِدت أن لي من أربعٍ ركعتين متقبلتين.

وقال أنس -رضي اللَّه عنه-: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مكة، فصلى ركعتين حتى رجع، وأقمنا بمكة عشرًا نقصر الصلاة، حتى رجع. متّفق عليهنّ.

وأجمع أهل العلم على أن من سافر سفرًا تُقْصَر في مثله الصلاة، في حجّ، أو عمرة، أو جهاد، أن له أن يقصر الرباعية، فيصليها ركعتين. انتهى كلام ابن قُدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو بحثٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[1570] (685) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015