زاد في رواية البخاريّ: "فكان المسلمون بعد ذلك يُغِيرون على مَن حولها من المشركين، ولا يُصيبون الصِّرم الذي هي منه، فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يَدَعُونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام".

قال في "الفتح": قوله: "فقالت يومًا لقومها: ما أرى هؤلاء القوم يَدَعُونكم عمدًا"، هذه رواية الأكثر، قال ابن مالك: "ما" موصولة، و"أَرَى" بفتح الهمزة، بمعنى أعلم، والمعنى: الذي أعتقده أن هؤلاء يتركونكم عمدًا، لا غفلة، ولا نسيانًا، بل مُراعاةً لما سَبَقَ بيني وبينهم، وهذه الغاية في مراعاة الصحبة اليسيرة، وكان هذا القول سببًا لرغبتهم في الإسلام.

وفي رواية أبي ذرّ: "ما أرى أن هؤلاء القوم"، وقال ابن مالك أيضًا: وقع في بعض النسخ: "ما أدري" يعني رواية الأصيليّ، قال: و"ما" موصولة، و"أَنّ" بفتح الهمزة، وقال غيره "ما" نافية، و"أَنّ" بمعنى "لَعَلّ"، وقيل: "ما" نافيةٌ، و"إنّ" بالكسر، ومعناه: لا أعلم حالكم في تخلفكم عن الإسلام مع أنهم يَدَعُونكم عمدًا.

ومُحَصَّل القصة أن المسلمين صاروا يُراعون قومها على سبيل الاستئلاف لهم، حتى كان ذلك سببًا لإسلامهم.

وبهذا يحصل الجواب عن الإشكال الذي ذكره بعضهم، وهو أن الاستيلاء على الكفار بمجرده، يوجب رقّ النساء والصبيان، وإذا كان كذلك، فقد دخلت المرأة في الرقّ باستيلائهم عليها، فكيف وقع إطلاقها، وتزويدها كما تقدم؛ لأنا نقول: أُطلقت لمصلحة الاستئلاف الذي جَرَّ دخول قومها أجمعين في الإسلام.

ويَحْتَمِل أنها كان لها أَمَانٌ قبل ذلك، أو كانت من قوم لهم عَهْدٌ. انتهى (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عمران بن حُصين -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [57/ 1563 و 1564] (682)، و (البخاريّ) في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015