"ولا ماءَ"، بفتح الهمزة، أي معي، أو موجود، وهو أبلغ في إقامة عذره.

(فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) حذف مفعوله؛ لدلالة السياق عليه، أي أمره أن يتيمّم بالصعيد، وفي رواية البخاريّ: "عليك بالصعيد، فإنه يكفيك"، قال في "الفتح": واللام فيه للعهد المذكور في الآية الكريمة، ويؤخذ منه الاكتفاء في البيان بما يَحصل به المقصود من الإفهام؛ لأنه أحاله على الكيفية المعلومة من الآية، ولم يُصَرِّح له بها، ودَلَّ قوله: "يكفيك" على أن المتيمم في مثل هذه الحالة لا يلزمه القضاء، ويَحْتَمِل أن يكون المراد بقوله: "يكفيك" أي للأداء، فلا يدلّ على ترك القضاء. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: لا يخفى كون الاحتمال الأخير بعيدًا، فالحقّ أنه لا قضاء على من صلّى بالتيمّم، وقد مضى البحث مستوفًى في أبواب التيمّم، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

(فَتَيَمَّمَ) الرجل (بِالصَّعِيدِ) تقدّم في "التيمّم" أن الصحيح أن الصعيد وجه الأرض، ترابًا كان، أو غيره، قال الزجّاج: ولا أعلم اختلافًا بين أهل اللغة في ذلك، قاله في "المصباح" (?).

والحاصل أن أرجح الأقوال في المراد بالصعيد من الآية هو ما قاله أهل اللغة، فلا يشترط في التيمّم أن يكون ترابًا، كما قاله بعض الأئمة، وقد مضى البحث مستوفًى في أبواب التيمّم أيضًا، وباللَّه تعالى التوفيق.

(فَصَلَّى) ذلك الرجل بالتيمّم.

قال عمران -رضي اللَّه عنه-: (ثُمَّ عَجَّلَنِي) بتشديد الجيم: أي أمرني بالاستعجال، وأكّده عليّ (فِي رَكْبٍ) أي مع جماعة راكبين، فـ "في" بمعنى "مع" (بَيْنَ يَدَيْهِ) أي أمامه (نَطْلُبُ الْمَاءَ) جملة في محلّ نصب على الحال من المفعول، وكذا قوله: (وَقَدْ عَطِشْنَا) بكسر الطاء (عَطَشًا شَدِيدًا) وفي رواية البخاريّ: "ثم سار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنَزَلَ، فدعا فلانًا، كان يسقيه أبو رجاء، نسيه عوفٌ، ودعا عليًّا، فقال: اذهبا، فابتغِيا الماءَ".

وقوله: "فدعا فلانًا" هو عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما-، كما دلّت عليه رواية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015