وفي رواية البخاريّ: "فسار غير بعيد، ثم نزل، فدعا بالوَضُوء، فتوضّأ، ونُودي بالصلاة، فصلّى بالناس".

واستُدِلّ به على مشروعيّة الأذان للفوائت، وتُعُقّب بأن النداء أعمّ من الأذان، فيَحْتَمِل أن يراد به هنا الإقامة، وأجيب بأنه وقع التصريح بالتأذين في حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- الماضي، وقد ترجم له البخاريّ بقوله: "باب الأذان بعد ذهاب الوقت"، ثم أورد حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- المذكور، أفاده في "الفتح".

(فَاعْتَزَلَ) أي تنحّى، وابتعد (رَجُلٌ) قال في "الفتح": لم أقف على تسميته، ووقع في "شرح العمدة" للشيخ سراج الدين ابن الملقن -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما نصه: هذا الرجل هو خلاد بن رافع بن مالك الأنصاريّ، أخو رفاعة، شَهِدَ بدرًا، قال ابن الكلبيّ: وقُتِل يومئذ، وقال غيره: له رواية، وهذا يدلّ على أنه عاش بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أما على قول ابن الكلبيّ، فيستحيل أن يكون هو صاحبَ هذه القصة؛ لتقدم وقعة بدر على هذه القصة بمدة طويلة بلا خلاف، فكيف يحضر هذه القصة بعد قتله؟ وأما على قول غير ابن الكلبيّ، فيَحْتَمِل أن يكون هو، لكن لا يلزم من كونه له رواية أن يكون عاش بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لاحتمال أن تكون الرواية عنه منقطعة، أو متصلةً، لكن نقلها عنه صحابيّ آخر ونحوه، وعلى هذا فلا منافاة بين هذا وبين من قال: إنه قُتِل ببدر، إلا أن تجيء روايةٌ عن تابعيّ غير مخضرم، وصَرَّح فيها بسماعه منه، فحينئذ يلزم أن يكون عاش بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكن لا يلزم أن يكون هو صاحب هذه القصة، إلا إن وردت رواية مخصوصة بذلك، ولم أقف عليها إلى الآن. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

وقوله: (مِنَ الْقَوْمِ) متعلّقٌ بـ "اعتَزَلَ"، وقوله: (لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا) جملة في محلّ رفع صفة لـ "رجل" (فَلَمَّا انْصَرَفَ) أي سلّم من الصلاة (قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) "رسول اللَّه" تنازعه "انصرف"، و"قال" ("يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟ "، قَالَ) الرجل (يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ) زاد في رواية البخاريّ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015