(حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) "حتى" غاية لتكبيره، ورفع صوته (فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (وَرَأَى الشَّمْسَ قَدْ بَزَغَتْ) أي طلعت (قَالَ: "ارْتَحِلُوا") أمر من الارتحال، واستُدِلّ به على جواز تأخير الفائتة عن وقت ذكرها، إذا لم يكن عن تغافل أو استهانة.
وفي رواية عوف الآتية: "فلما استيقظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شَكَوْا إليه الذي أصابهم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضير، ارتحلوا"، وقد تقدّم في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- سبب أمره لهم بالارتحال، حيث قال: "ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حَضَرَنا فيه الشيطان".
ولأبي داود من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "تَحَوَّلوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة".
وفيه رَدٌّ على ما زُعِم أن العلة فيه كون ذلك كان وقت الكراهة، بل في هذا الحديث من رواية عوف التالية: "فما أيقظنا إلا حرّ الشمس"، وفي حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الماضي: "فلم يستيقظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا بلالٌ، ولا أحد من أصحابه، حتى ضربتهم الشمس"، وذلك لا يكون إلا بعد أن يذهب وقت الكراهة. وقد قيل: إنما أخر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة؛ لاشتغالهم بأحوالها، وقيل: تحرُّزًا من العدوّ، وقيل: انتظارًا لما ينزل عليه من الوحي، وقيل: لأن المحلّ محلُّ غفلة، كما تقدّم عند أبي داود، وقيل: ليستيقظ من كان نائمًا، ويَنْشَطَ مَن كان كسلان.
ورُوي عن ابن وهب وغيره أن تأخير قضاء الفائتة منسوخٌ بقوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}.
وفيه نظرٌ؛ لأن الآية مكيةٌ، والحديث مدنيّ، فكيف ينسَخ المتقدِّم المتأخرَ؟ .
(فَسَارَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (بِنَا) معشر الصحابة (حَتَّى إِذَا ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ) أي صارت ذات بياض، يقال: ابيضّ الشيءُ ابْيِضَاضًا: إذا صار ذا بياض (?). (نَزَلَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- عن راحلته (فَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ) أي صلاة الصبح، وفيه مشروعية الجماعة في الفوائت.