النبوّة"، وفي رواية البخاريّ في "التيمّم": "وكان أولَ من استيقظ فلانٌ، ثم فلانٌ، ثم فلانٌ، يسمّيهم أبو رجاء، فنسي عوف، ثم عمر بن الخطّاب الرابع".
قال في "الفتح": ويشبه -واللَّه أعلم- أن يكون الثاني عمرانَ، راوي القصة؛ لأن ظاهر سياقه أنه شاهَدَ ذلك، ولا يمكنه مشاهدته إلا بعد استيقاظه، ويشبه أن يكون الثالث مَن شارك عمران في رواية هذه القصّة المعيَّنَة، ففي الطبرانيّ من رواية عمرو بن أمية: قال ذو مِخْبَر: "فما أيقظني إلا حرُّ الشمس، فجئت أدنى القوم فأيقظته، وأيقظ الناس بعضهم بعضًا، حتى استيقظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-". انتهى (?).
وتعقّب العينيّ تعيين الثاني والثالث، وقال: وهذا تصرُّف بالحدس والتخمين. انتهى (?).
(وَكُنَّا لَا نُوقِظُ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ مَنَامِهِ) أي نومه، فهو مصدر ميميّ لـ "نام" (إِذَا نَامَ، حَتَّى يَسْتَيْقِظَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- هو بنفسه، زاد في رواية البخاريّ من طريق عوف المذكورة: "لأنا لا ندري ما يَحْدُث له"، وهو بضم الدال بعدها مثلثة، أي من الوحي، كانوا يخافون من إيقاظه قَطْعَ الوحي، فلا يوقظونه؛ لاحتمال ذلك، قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يؤخذ منه التمسك بالأمر الأعمّ؛ احتياطًا. انتهى.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال العلماء: كانوا يمتنعون من إيقاظه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لما كانوا يتوقعون من الإيحاء إليه في المنام، ومع هذا فكانت الصلاة قد فات وقتها، فلو نام آحاد الناس اليومَ، وحضرت صلاةٌ، وخيف فوتها نَبَّهه مَن حضره؛ لئلا تفوت الصلاة. انتهى (?).
(ثُمَّ اسْتَيْقَظَ عُمَرُ) تقدّم في رواية البخاريّ أنه الرابع من المستيقظين (فَقَامَ عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَجَعَلَ) أي شرع (يُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بالتَّكْبِيرِ) وفي رواية عوف الآتية: "فلما استيقظ عمر بن الخطاب، ورأى ما أَصاب الناس، وكان أجوف جَلِيدًا، فكبّر، ورفع صوته بالتكبير، حتى استيقظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لشدّة صوته بالتكبير".