والمعنى هنا: حتى إذا الوقت مواجهًا لطلوع الصبح، وهو كناية عن قرب طلوعه.
(عَرَّسْنَا) بتشديد الراء: أي نزلنا للاستراحة، يقال: عرّس المسافر: إذا نزل؛ ليستريح نَزْلَةً، ثم يرتحل، قال في "القاموس"، و"شرحه": وأعرس القومُ في السفر: نزلوا في آخر الليل للاستراحة، ثم أناخوا، وناموا نَوْمةً خفيفةً، ثم ساروا مع انفجار الصبح سائرين، كعَرَّسُوا تعريسًا، وهذا أكثرُ، وأعرسوا لغة قليلةٌ، والموضع مُعْرَسٌ، كَمُكْرَمٍ، ومُعَرَّسٌ، كمُعَظَّمٍ، وقيل: التعريس أن يسير النهار كلّه، وينزل أوّل الليل، وقيل: هو النزول في الْمَعْهَد أيّ حين كان، من ليل أو نهار. انتهى (?).
وقد بُيِّنَ في حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- عند البخاريّ سببُ نزولهم في تلك الساعة، وهو سؤال بعض القوم بقول: "لو عَرَّست بنا يا رسول اللَّه"، وفيه قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخاف أن تناموا عن الصلاة"، فقال بلالٌ: أنا أوقظكم.
(فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا) أي غلب النوم على أعيننا، فاستغرقنا فيه (حَتَّى بَزَغَتِ الشَّمْسُ) أي طلعت، يقال: بزغت الشمس بَزْغًا وبُزُوغًا: شَرَقَت، أو البُزُوغُ: ابتداء الطلوع، قاله في "القاموس" (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: المناسب هنا هو معنى الطلوع، وأما تفسير القرطبيّ والنوويّ بأوّل الطلوع، وإن كان صحيحًا من حيثُ اللغةُ، فلا يناسب هنا، بدليل الروايات الأخرى أنهم ما استيقظوا إلا بحرّ الشمس، ففي رواية عوف الأعرابيّ، عن أبي رجاء التالية: "كنّا حتى إذا كان من آخر الليل قُبيل الصبح وقعنا وَقْعَةً تلك الوقعة التي لا وقعة عند المسافر أحلى منها، فما أيقظنا إلا حرّ الشمس"، فدلّ على أنهما ما استيقظوا عند بداية الطلوع، بل بعد طلوعها، وارتفاعها، واشتداد حرّها، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
(قَالَ) عمران -رضي اللَّه عنه- (فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَّا أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق -رضي اللَّه عنه-، هذا تصريح باسم أول من استيقظ، وهو كذلك عند البخاريّ في "علامات