بأنهم يأتون الماء غدًا (جَامِّينَ) أي نِشَاطًا مستريحين، صالحي الأحوال، والاستجمام: الاستراحة (رِوَاءً) بكسر الراء، وزانُ كتاب: جمع رَيّان، كعَطْشان وعِطَاش، وهو من الريّ، وهو الامتلاء من الماء.
والمعنى: أن الناس وصلوا إلى الماء غير عِطَاشٍ، بل وصلوا مرتوين، نشِطين مستريحين.
(قَالَ) الراوي، وهو ثابتٌ البنانيّ (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ: إِنِّي لَأُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ) وفي بعض النسخ: "إني لأحدّث الناس هذا الحديث" (فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ) يعني بالكوفة.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا كتب بعضهم، ولم يذكر مستنده، وعندي أنه يشبه أن يكون مسجد البصرة؛ لأن عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما- ممن نزل البصرة، ومات بها، وعبد اللَّه بن رباح من سكّان البصرة، وكذا الراوي عنه، بل رجال السند كلّهم بصريّون، فالظاهر أنه مسجد البصرة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
[تنبيه]: قوله "في مسجدِ الجامعِ" هو: من باب إضافة الموصوف إلى صفته، والأصل: في المسجدِ الجامعِ، وهو جائز عند الكوفيين بغير تقدير، ولا يجوز عند البصريين إلا بتقدير، ويتأولون ما جاء في هذا بحسب مواطنه، والتقدير هنا: مسجد المكان الجامع، وفي قول اللَّه تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} [القصص: 44] الآية: أي المكان الغربيّ، وقوله تعالى: {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} [يوسف: 109] الآية: أي الحياة الآخرة، وقد سبقت المسألة في مواضع، وقد أشار ابن مالك إلى هذا في "الخلاصة" حيثُ قال:
وَلَا يُضَافُ اسْمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدْ ... مَعْنًى وَأَوِّلْ مُوهِمًا إِذَا وَرَدْ
واللَّه تعالى أعلم.
(إِذْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ) "إذ" فجائيّة، أي فاجأني قول عمران بن حصين -رضي اللَّه عنهما- (انْظُرْ أَيُّهَا الْفَتَى) منصوب على الاختصاص، كما قال في "الخلاصة":
الاخْتِصَاصُ كَنِدَاءٍ دُونَ "يَا" ... كَـ "أَيُّهَا الْفَتَى" بِإِثْرِ "ارْجُونِيَا"
(كَيْفَ تُحَدِّثُ) "كيف" مفعول مطلق لـ "تُحدِّثُ"، أي أيَّ تحديث تُحدِّث،