أو حال منه، أي على أيّ حال تُحدّث، وجملة "تُحدِّث" مفعولُ "انظر" معلّق عنها للاستفهام.

ومعنى كلام عمران -رضي اللَّه عنه- أنه حينما بدأ عبد اللَّه بن رَبَاح يُحدّث بالحديث قال له: انتبه أيها الفتى، وحدّث بدقّة، فإني أحد من شهد هذه الواقعة، وسأقابل ما تُحدّث به على ما شاهدته منها، فلما حدّث عبد اللَّه، وانتهى من حديثه، قال له عمران -رضي اللَّه عنه-: "ما شَعَرتُ وما علمتُ أن أحدًا حفظ هذه الواقعة كما حفظته"، فهو ثناء عليه بحفظ الحديث على وجهه، واستغرابٌ لحفظه هذا الحفظَ، مع أنه لم يشهد الواقعة، واللَّه تعالى أعلم.

(فَإِنِّي أَحَدُ الرَّكْبِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ) اسم الإشارة منصوب على الظرفيّة، متعلّقٌ بـ "الركب"، و"الليلة" نعتٌ، أو بدل، أو عطف بيان، كما قيل:

مُعَرَّفٌ بَعْدَ إِشَارَةٍ بِـ "أَلْ" ... يُعْرَبُ نَعْتًا أَوْ بَيَانًا أَوْ بَدَلْ

(قَالَ) عبد اللَّه بن رَبَاح (قُلْتُ: فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ) أي فينبغي أن تكون أنت المحدّث للناس دوني (فَقَالَ) عمران -رضي اللَّه عنه- (مِمَّنْ أَنْتَ؟ ) أي من أيّ قبيلة من قبائل العرب أنت؟ (قُلْتُ: مِنَ الْأَنْصَارِ) أي من قبيلة الأنصار (قَالَ) عمران -رضي اللَّه عنه- (حَدِّثْ، فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِكُمْ) إنما قال له هذا؛ لأن العادة أن الإنسان يحفظ أحاديث قومه أكثر مما يحفظ أحاديث غيرهم، كما شهد عمران هنا لعبد اللَّه بن رباح بذلك، حيث قال: "وما شعرت. . . إلخ" (قَالَ) عبد اللَّه (فَحَدَّثْتُ الْقَوْمَ) أي أتممت لهم الحديث؛ لأن عمران قطعه عليه حين استوقفه بالمسألة المذكورة آنفًا (فَقَالَ عِمْرَانُ) بن حصين -رضي اللَّه عنهما- (لَقَدْ شَهِدْتُ) بكسر الهاء، يقال: شَهِدَ الشيءَ، من باب سَمِعَ شُهُودًا: حضَرَه، أو اطّلع عليه، وعاينته، وشَهِدَ العيدَ: أدركه (?). وقوله: (تِلْكَ اللَّيْلَةَ) منصوب على المفعوليّة، كما في قوله تعالى: {يَخَافُونَ يَوْمًا} [النور: 37] الآية (وَمَا) نافية (شَعَرْتُ) بفتح العين المهملة، وضمّها، يقال: شَعَرَ بالشيء كنصَرَ، وكَرُمَ شُعُورًا، وشَعْرًا وشِعْرًا بالكسر، وشِعْرَةً مثلّثةً: إذا علم به، وفَطِنَ له، وعَقَلَه (?)، فيكون قوله: (أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015