ألف (?). (وَهُمْ يَقُولُونَ) جملة حاليّة من "الناس" (يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْنَا، عَطِشْنَا) بدل من هلكنا مبيّن معناه (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("لَا هُلْكَ) بضمّ الهاء، وسكون اللام: أي لا هلاك (عَلَيْكُمْ") لأن اللَّه تعالى سيجعل لكم بركةً فيّ، فهو إخبار بما سيقع له من المعجزة في ماء الميضأة (ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("أَطْلِقُوا لِي غُمَرِي") -بضم الغين المعجمة، وفتح الميم، وبالراء-: هو القدح الصغير، ويَحْتَمِل أن يريد به ميضأة أبي قتادة -رضي اللَّه عنه-. (قَالَ: وَدَعَا بِالْمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ) أي شرع (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَصُبُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ يَسْقِيهِمْ) بفتح أوله، من سقاه، ثلاثيًّا، كما في قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21]، أو بضمه، من أسقاه، رباعيًّا، كما في قوله تعالى: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] (فَلَمْ يَعْدُ) بفتح أوله، وسكون ثانيه، من عدا الأمرَ، وعن الأمر يَعْدُو، كغَزَا يَغْزُو: إذا جاوزه وتركه (?). (أَنْ رَأَى النَّاسُ) "أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل فاعل "يعدُ"، أي لم يتجاوز رؤيةُ الناس، وقوله: (مَاءً فِي الْمِيضَأَةِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ضبطنا "ما" هنا بالمدّ والقصر، وكلاهما صحيح. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: إذا كانت ممدودة تكون مفعولًا به لـ "رأى"، والجارّ والمجرور صفتها، وإذا كانت مقصورة تكون موصولًا في محلّ نصب على المفعوليّة لـ "رأى" أيضًا، والجارّ والمجرور صلتها، و"رأى" هنا بصريّة، ولذا تعدّت لواحد، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: (تَكَابُّوا عَلَيْهَا) بتشديد الموحّدة، أي تجمّعوا، وتزاحموا على تلك الميضأة، قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى "تكابُّوا": أي ازدحموا، وهي تفاعلوا، من الْكُبَّة بالضمّ، وهي الجماعة من الناس وغيرهم. انتهى (?).
وجملة: "تكابُّوا" مفعول به لـ "يَعْدُ"، بتقدير "أن" المصدريّة، أو مجرور بحرف جرّ مقدّر؛ لأنه سبق أنه يتعدّى بنفسه، وبـ "عن"، والأصل أن "تكابّوا"، والضمير في "عليها" لـ "الميضأة"، أي لم يجاوز رؤيَتُهُم تكابَّهم وتزاحمهم عليها.