قول عمر: "الجبل يا سارية"، وهو بالمدينة، وسارية بمصر، أو بالشام، فسمعه سارية، ولجأ إلى الجبل، ونجا هو وأصحابه. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الظاهر أن كونه بتاء المخاطبين تصحيف من النسّاخ، والتوجيه الذي ذكره القرطبيّ لا يخفى كونه تكلّفًا، وتنظيره بقصّة عمر -رضي اللَّه عنه- بعيد جدًّا؛ لأن صوته سمعه سارية كرامة من اللَّه تعالى، فامتثل أمره، فنجا ونجا من معه، وأما هؤلاء الصحابة لم يُنقل عنهم أن صوته -صلى اللَّه عليه وسلم- وصل إليهم، فامتثلوه، فتأمّل، واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ) أبو قتادة (ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدما استفهم مخبرًا لهم عن حال الناس ("أَصْبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ) أي لكونه تأخّر عنهم، وتقدّموا عليه ظنًّا منهم أنه أمامهم (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ) -رضي اللَّه عنهما- (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) مبتدأ خبره قوله: (بَعْدَكُمْ، لَمْ يَكُنْ لِيُخَلِّفَكُمْ) بتشديد اللام، من التخليف، أي ليترككم وراءه (وَقَالَ النَّاسُ) أي غير أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) أي سبقكم، وأنتم خلفه، قال -صلى اللَّه عليه وسلم- مبيّنًا كون الصواب مع الشيخين (فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشَدُوا") من بابي تَعِبَ ونَصَر، مبنيًّا للفاعل، أي يكونون مصيبين الحقّ.

ويَحْتَمِلُ أن يكون مبنيًّا للمفعول، من أرشد رباعيًّا، أي يوفّقُون للصواب.

قال في "القاموس": رَشَدَ كنصَرَ، وفَرِحَ رُشْدًا ورَشَدًا، ورَشَادًا: اهتدى، كاسترشد. انتهى (?).

وقال في "المصباح": الرُّشْدُ: الصلاحُ، وهو: خلاف الْغَيّ والضلال، وهو إصابة الصواب، ورَشِدَ رَشَدًا، من باب تَعِبَ، ورَشَدَ يَرْشُدُ من باب قَتَلَ، فهو راشدٌ، والاسم الرَّشَادُ، ويتعدّى بالهمزة. انتهى (?).

(قَالَ) أبو قتادة (فَانْتَهَيْنَا) أي وصلنا (إِلَى النَّاسِ حِينَ امْتَدَّ) أي ارتفع (النَّهَارُ، وَحَمِيَ كُلُّ شَيْءٍ) بفتح الحاء المهملة، وكسر الميم: أي اشتدّ حرّه، يقال: حَمِيتِ الحديدة تَحْمَى، من باب تَعِبَ، فهي حاميةٌ: إذا اشتدّ حرُّها بالنار، ويُعدّى بالهمزة، فيقال: أحميتها، فهي مُحْمَاةٌ، ولا يقال: حَمَيْتُهَا بغير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015