وقال أبو سعيد الإصطخري من أصحابنا: تفوت العصر بمصير ظل الشيء مثليه، وتفوت العشاء بذهاب ثلث الليل أو نصفه، وتفوت الصبح بالإسفار، وهذا القول ضعيف، والصحيح المشهور ما قدمناه من الامتداد إلى دخول الصلاة الثانية. انتهى (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- حسنٌ، إلا ما قاله في العشاء، فقد قدّمنا أن الصحيح أن وقتها إلى نصف الليل، فبعد نصفه تكون قضاء؛ للحديث الصحيح الصريح فيه، حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- مرفوعًا: "ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل"، فهذا لا معارض له، إلا الإجماع المزعوم، وقد سبق أن الإجماع في هذا لا يصحّ، فبقى النص على ظاهره، فتبصّر بالإنصاف، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ) أي فمن نام عن الصلاة حتى خرج وقتها، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الإشارة إلى ما وقع له من النوم عن الصلاة، ويَحْتَمِلُ أن يعود الضمير إلى جميع ما ذُكِر من النوم والتفريط. انتهى. (فَلْيُصَلِّهَا) أي فليقضها (حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا) أي من نومه، أو نسيانه وغفلته (فَإِذَا كَانَ الْغَدُ، فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا") قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه أنه إذا فاتته صلاة فقضاها، لا يتغير وقتها، ويتحوّل في المستقبل، بل يبقى كما كان، فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد، ويتحوّل، وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين: مرة في الحال، ومرة في الغد، وإنما معناه ما قدمناه، فهذا هو الصواب في معنى هذا الحديث، وقد اضطربت أقوال العلماء فيه، واختار المحققون ما ذكرته. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال قومٌ: ظاهره إعادة المقضيّة مرّتين: عند ذكرها، وعند حضور مثلها من الوقت الآتي، وقد وافق هذا الظاهر ما رواه أبو داود نصًّا من حديث عمران بن حُصين -رضي اللَّه عنهما-، وذكر القصّة، وقال في آخرها: "فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحًا، فليقض معها مثلها"، قال الخطّابيّ: لا أعلم أحدًا قال هذا وجوبًا، ويُشبه أن يكون الأمر به استحبابًا؛ ليحْرِزَ فضيلة الوقت في القضاء.