(قَالَ) أبو قتادة (وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَرَكِبْنَا مَعَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ) بفتح الهاء، وكسر الميم، أي يتكلّم بخفاء وإسرار لا يسمعه غير من قصده.

قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "الْهَمْسُ": الصوت الخفيّ، وهو مصدرُ هَمَسْتُ الكلامَ، من باب ضَرَبَ: إذا أخفيته، وما سَمِعتُ له هَمْسًا ولا جَرْسًا، وهما الخفيّ من الصوت، وحرفٌ مَهمُوسٌ، غير مجهورٍ، وكلام مهموسٌ غير ظاهرٍ. انتهى (?).

وقوله: (مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا) مقول لقول مقدّر حالٍ، و"ما" الأولى استفهاميّة مبتدأ خبره "كفّارةُ"، و"ما" الثانية موصولة، والعائد محذوف، أي الذي صنعناه، وجنيناه من الإثم، أو هي مصدريّة، فلا تحتاج إلى عائد، أي كفّارة صنيعنا، وجنايتنا.

(بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلَاتِنَا؟ ) الباء سببيّة، أي بسبب تقصيرنا وتضييعنا لصلاة الصبح، يقال: فرّط في الأمر تفريطًا: إذا قصّر فيه وضيَّعه، وأفرط إفراطًا: إذا أسرف فيه، وجاوز الحدّ.

(ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- مسلّيًا لهم على ما أصابهم من الحزن بسبب فوات الصبح ("أَمَا) أداة استفتاح، وتنبيه (لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ ") بضمّ الهمزة، وكسرها: أي اقتداء واتّباع فيما حصل لي، قال الراغب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "الأُسْوة"، و"الإِسْوة"، كالْقُدْوة، والْقِدوة: هي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتّباع غيره، إن حسنًا، وإن قبيحًا، وإن سارًّا، وإن ضارًّا، ولهذا قال اللَّه تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، فوصفها بالحسنة. انتهى (?).

وقال السمين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قرئ في الآية بالوجهين، أي اتباعه واجب عليكم، يقال: تأسّيتُ به: أي اتّبعته في فعله، مثلُ اقتديتُ. انتهى (?).

(ثُمَّ قَالَ: "أَمَا، إِنَّهُ) الضمير للشأن، أي إن الأمر والشأن (لَيْسَ فِي النَّوْمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015