والنبوّة والنباوة: الارتفاع، ومنه قيل: نَبَا بفلان مكانه، كقولهم: قَضَّ عليه مَضجعه، ونبا السيف عن الضَّرِيبة: إذا ارتدّ عنه، ولم يَمْضِ فيه، ونبا بصره عن كذا؟ تشبيهًا بذلك. انتهى كلام الراغب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو بحثٌ لغويّ مفيدٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ بِالصَّلَاةِ) فيه مشروعيّة الأذان للصلاة الفائتة (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ) أي سنة الصبح، ففيه استحباب قضاء السنّة الراتبة (ثُمَّ صَلَّى الْغَدَاةَ) أي صلاة الغداة، وهي الصبح (فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ) يعني أنه صلّى الفائتة بالحالة والهيئة التي كان يصلّي بها الحاضرة.

وقال النوويّ: قوله: "كما كان يصنع كل يوم"، فيه إشارة إلى أن صفة قضاء الفائتة كصفة أدائها، فيؤخذ منه أن فائتة الصبح يَقْنُت فيها، وهذا لا خلاف فيه عندنا، وقد يَحْتَجّ به من يقول: يجهر في الصبح التي يقضيها بعد طلوع الشمس، وهذا أحد الوجهين لأصحابنا، وأصحهما أنه يُسِرّ بها، ويُحْمَل قوله: "كما كان يصنع" أي في الأفعال، وفيه إباحة تسمية الصبح غداةً، وقد تكرر في الأحاديث. انتهى (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أما ما قاله في القنوت فقد تقدّم أن الصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يُستحبّ القنوت إلا في النوازل، وليس هناك دليلٌ صحيحٌ صريح على استحباب القنوت في الصبح، كما مرّ البحث فيه مستوفًى.

وأما حمل قوله "كما كان يصنع" على الأفعال، فتأويل بعيد، بل الظاهر أن يُحْمَل على أنه قضاها بصفة أدائها قولًا وفعلًا، فيدلّ على استحباب الجهر فيها، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015