ومِلتُ معه، فقال: انظر، فقلتُ: هذا راكبٌ، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثةٌ، حتى صِرْنا سبعة".

(قَالَ) أبو قتادة -رضي اللَّه عنه- (فَمَالَ) أي تحوّل (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنِ الطَّرِيقِ) أي تجنّبًا أن يُصيبهم الأذى مما يَطْرُق الطريق من الهوامّ، وقد أمر -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، حيث قال: "وإذا عَرَّستم، فاجتنبوا الطريق، فإنها طُرُق الدوابّ، ومأوى الهوامّ بالليل"، رواه مسلم.

وقد بيّن في رواية البخاريّ أن ميله -صلى اللَّه عليه وسلم- كان بطلب من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، ولفظه من طريق عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: سرنا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة، فقال بعض القوم: لو عَرَّست بنا يا رسول اللَّه؟ قال: "أخاف أن تناموا عن الصلاة"، قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فغلبته عيناه، فنام، فاستيقظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد طلع حاجب الشمس، فقال: "يا بلال، أين ما قلت؟ " قال: ما أُلقيت عليّ نومةٌ مثلها قطّ، قال: "إن اللَّه قبض أرواحكم حين شاء، وردَّها عليكم حين شاء، يا بلال قم، فأذِّن بالناس بالصلاة"، فتوضأ، فلما ارتفعت الشمس، وابياضَّت قام فصلى.

(فَوَضَعَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (رَأْسَهُ) كناية عن نومه (ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا") زاد في رواية أبي داود: "يعني صلاة الفجر"، أي احفظوا وقت صلاة الفجر، فلا تضيّعوها بالنوم عنها.

(فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) هذا معطوف على محذوف، أي فناموا، فكان. . . إلخ، وفي رواية أبي داود: "فضُرِب على آذانهم، فما أيقظهم إلا حرّ الشمس، فقاموا هُنَيَّةً، ثم نزلوا، فتوضّئوا".

و"أوّلَ" بالنصب خبر كان مقدّمًا على اسمها، وهو "رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".

ثم إن قوله: "فكان أولَ من استيقظ إلخ" يدلّ على أن هذه الواقعة غير الواقعة التي تقدّمت في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-؛ لأن أول من استيقظ هناك هو بلال -رضي اللَّه عنه-.

(وَالشَّمْسُ فِي ظَهْرِهِ) جملة في محلّ نصب على الحال من "رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وهو بمعنى قوله في الحديث الآخر: "فما أيقظهم إلا حرّ الشمس".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015