فـ "ما" مصدريّة، وأنكر بعضهم كونها هنا مصدريّة؛ لعود الضمير من "به" عليها، والمصدريّة لا تحتاج إلى عائد، وإنما هي موصولة، واقعة على معنى الحبّ والحرص، أي بسبب الحبّ والحرص الذي حفِظتَ به نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("هَلْ تَرَانَا) بفتح أوله، ويَحْتَمِلُ أن يكون بالضمّ: أي هل تَظُنّنا (نَخْفَى) بفتح أوله، وثالثه، مضارع خَفِيَ، من باب رَمَى خَفَاءً: إذا استتر، قال في "المباح": خَفِيَ الشيءُ يَخْفَى خَفَاءً بالفتح والمدّ: استَتَرَ، أو ظَهَرَ، فهو من الأضداد، وبعضهم يَجْعَل حرف الصلة فارقًا، فيقول: خَفِيَ عليه: إذا استَتَر، وخَفِيَ له: إذا ظَهَر، فهو خَافٍ، وخَفِيَ أيضًا، ويتعدى بالحركة، فيقال: خَفَيْتُهُ أَخْفِيهِ من باب رَمَى: إذا سترته وأظهرته، وفَعَلْتُهُ خِفْيَةً بضم الخاء وكسرها، ويتعدى بالهمزة أيضًا، فيقال: أخفيته، وبعضهم يَجْعَل الرباعيّ للكتمان، والثلاثي للإظهار، وبعضهم يَعْكِسُ. انتهى (?).

(عَلَى النَّاسِ؟ ") أي على بقيّة الركب، وهذا يدلّ على أنهما كانا وحدهما (ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("هَلْ تَرَى مِنْ أَحَدٍ؟ ") "من" زائدة، كما قال في "الخلاصة":

وَزِيدَ فِي نَفْيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرْ ... نَكِرَةً كَـ "مَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ"

أي هل ترى أحدًا من السائرين غيرنا؟ ، وهذا يدلّ على أنهم كانوا متفرّقين في سيرهم.

قال أبو قتادة (قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، ثُمَّ قُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ آخَرُ، حَتَّى اجْتَمَعْنَا، فَكُنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ) يَحْتَمِلُ أن يكون نادى الرُّكبان، ويَحْتَمِلُ أنهما أسرعا إن كانا متأخّرين، أو أبطآ إن كان متقدّمين.

و"الرَّكْبُ" بفتح الراء، وسكون الكاف: جمع راكب، كصاحب وصَحْب، ويُجمع أيضًا على رُكْبان، ولكونه جمعًا صار تمييزًا لـ "سبعة"، فإن تمييز ما دون العشرة من العدد يكون جمعًا مجرورًا، كما قال في "الخلاصة":

ثَلَاثَةً بِالتَّاءِ قُلْ لِعَشَرَهْ ... فِي عَدِّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ

فِي الضِّدِّ جَرِّدْ وَالْمُمَيِّزَ اجْرُرِ ... جَمْعًا بِلَفْظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ

وفىِ رواية أبي داود: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في سفر له، فمال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015