وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: جَفَلَ البعيرُ جَفْلًا وجُفُولًا من بابي ضرب وقَعَدَ: نَدّ وشَرَدَ، فهو جافلٌ وجَفّالٌ مبالغةٌ، وجَفَلَت النعامةُ: هَرَبَت، وجَفَلتُ الطينَ أجْفُلُه، من باب قَتَل: جَرَفتهُ، وجَفَلتُ المتاعَ: ألقيتُ بعضه على بعض، وجفلتُ الطائر أيضًا: نفّرتُهُ، وفي مطاوعه: فأجفلَ هو بالألف، جاء الثلاثيّ متعدّيًا، والرباعيّ لازمًا عكس المشهور، وله نظائر، وأجفل القومُ، وانجفلوا، وتجفّلوا، وجَفَلُوا جَفْلًا، من باب قتل: إذا أسرعوا الْهَرَبَ. انتهى (?).
(فَأَتَيْتُهُ، فَدَعَمْتُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ) أي استيقظ من نومه، ورفع رأسه من ميله (فَقَالَ: "مَنْ هَذَا؟ ") استفهام عن الشخص الذي أيقظه من نومه بدعمه (قُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ) خبر لمحذوف، أي أنا أبو قتادة (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("مَتَى كَانَ هَذَا مَسِيرَكَ مِنِّي؟ ") بنصب "مسيرك" خبرًا بـ "كان"، وهو مصدر ميميّ لـ "سار"، يعني منذ أَيّ وقت أنت تسير هذا السير معي؟ (قُلْتُ: مَا) نافية (زَالَ هَذَا مَسِيرِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ) أي في هذه الليلة، فـ "منذ" بمعنى "في"؛ لأن "منذُ" و"مُذْ" إذا جرّا حاضرًا، كانا بمعنى "في"، نحو: ما رأيته منذ أو مذ يَوْمِنا، وإن جرّا ماضيًا كانا بمعنى "من"، نحو: ما رأيته يوم الجمعة، قال في "الخلاصة":
وَإِنْ يَجُرَّا فِي مُضِيٍّ فَكَـ "مِنْ" ... هُمَا وَفِي الْحُضُورِ مَعْنَى "فِي" اسْتَبِنْ
(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("حَفِظَكَ اللَّهُ) بكسر الفاء، يقال: حَفِظَ الشيءَ من باب عَلِمَ: إذا حَرَسَهُ، وحَفِظ القرآن: إذا استظهره، والمالَ: رعاه، أفاده في "القاموس" (?)، وقال في "المصباح": حَفِظْتُ المالَ وغيره حِفْظًا: إذا منعته من الضَّيَاعِ والتَّلَفِ، وحَفِظْتُهُ: صُنتُهُ عن الابتذال، وحَفِظَ القرآن: إذا وَعَاهُ على ظهر قلبه. انتهى (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هكذا ضبط "حَفِظَ" بكسر الفاء في كتب اللغة، وأما ما اشتهر من قولهم: حَفَظَهُ بفتح الفاء، فمن لحن العوامّ، فتنبّه، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ") أي بسبب حفظك نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قاله النوويّ، فعلى هذا