القضاء. انتهى كلامه -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

أقول: هذا الذي قاله الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو التحقيق الحقيق بالقبول؛ لوضوح دليله المنقول.

والحاصل أن المذهب الراجح هو القول بوجوب القضاء على من ترك الصلاة متعمدًا؛ لما ذكرناه من الدليل النيّر الواضح كالشمس في رابعة النهار: "اقضُوا اللَّه، فاللَّه أحقّ بالوفاء"، رواه البخاريّ، "فدَينُ اللَّه أحقّ بالقضاء"، متّفقٌ عليه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في هل النفس والروح شيء واحدٌ أم لا؟ :

قال الحافظ أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في الروح والنفس، هل هما شيء واحد، أو شيئان؟ فقال جماعة أهل العلم: إنهما شيءٌ واحد، ومن حجتهم قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]، فروي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- وسعيد بن جبير أنهما قالا: تُقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا، تتعارف ما شاء اللَّه أن تتعارف، فيُمسك التي قضى عليها الموت التي قد ماتت، ويُرسل الأخرى إلى أجل مسمى.

وهذا يدلّ على أن النفس والروح شيء واحد؛ لأنهما فسّرا الآية بـ "تُقبض الأرواح"، وقد جاءت في الآية بلفظ الأنفس، ويشهد بصحّة ذلك قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث: "إن اللَّه قَبَض أرواحنا"، فنَصَّ على أن المقبوض هو الروح، ولم يُنكر قول بلال -رضي اللَّه عنه-: "أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك"، فالقرآن والسنّة يشيران إلى معنى واحد، بلفظ النفس تارةً، وبلفظ الروح أخرى.

وقال آخرون: النفس غير الروح، واحتجُّوا بأن النفس مخاطبةٌ، منهيّة مأمورة، واستدلّوا بقول اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)} [الفجر: 27، 28]، وقوله: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015