التطوع دون الفرض، ثم ليس بين عصرِ يَوْمِهِ وبين عصرٍ قد نسيها قبل ذلك فرق، واللَّه أعلم. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
قال الجامع: قد تبيّن بما سبق من ذكر أقوال أهل العلم، وأدلّتها أن الصحيح في هذه المسألة قول من قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكر مطلقًا، أي سواء ذكرها في الأوقات التي تباح فيها الصلاة، أم في الأوقات التي تنهى فيها؛ لظهور دليله، فإن قوله: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها": أي وَقْتَ ذكرها نصّ ظاهرٌ في الموضوع، عامّ في كل وقت، واللَّه -تعالى- أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في وجوب القضاء على من فاتته الصلاة عامدًا:
قال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- عند قوله: "من نسي صلاة" ما حاصله: تمسّك بدليل الخطاب من قال: إن العامد لا يقضي الصلاة؛ لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط، فيلزم منه أن من لم ينس لا يصلي، وإلى هذا ذهب داود، وابن حزم، وبعض الشافعية.
قال ابن تيمية -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والمنازعون لهم ليسس لهم حجةٌ قط (?) يُرَدُّ إليها عند التنازع، وأكثرهم يقولون: لا يجب القضاء إلا بأمر جديد، وليس معهم هنا أمر، ونحن لا ننازع في وجوب القضاء فقط، بل ننازع في قبول القضاء منه، وصحة الصلاة في غير وقتها، وأطال البحث في ذلك، واختار ما ذكره داود، ومن معه.
قال الشوكاني: والأمر كما ذكره، فإني لم أقف مع البحث الشديد للموجبين للقضاء على العامد، وهم من عدا من ذكرنا على دليل، يَنْفِقُ في سوق المناظرة، ويصلح للتعويل عليه في مثل هذا الأصل العظيم إلا حديث: