وَكَوْنُهُ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي ... وَجُوبِ الاحْتِجَاجِ رَاجِحًا يَفِي
وإن أردت مزيد إيضاح فراجع شرحها "المنحة الرضيّة" تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.
وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والظاهر أن هذا كان من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله تفسيرًا للآية، فَزَعَمَت عائشة أنه جزء من الآية، أو كان جزءًا فنُسِخ، وزعمت عائشة بقاءه، واللَّه أعلم. انتهى.
وقال أبو محمد بن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في كتابه "المحلَّى":
[فإن قيل]: فكيف تصنعون أنتم في هذه الروايات التي أُوردت عن حفصة، وعائشة، وأم سلمة، وأُبَيّ، وابن عباس التي فيها "وصلاة العصر" -أي بواو- والتي فيها "صلاة العصر" عنهم بلا واو حاشا حفصة؟ ، وكيف تقولون في القراءة بهذه الزيادة، وهي لا تحلّ القراءة بها اليوم؟ .
[فجوابنا]: -وباللَّه تعالى التوفيق- أن الذي يظن من اختلاف الرواية في ذلك، فليس اختلافًا، بل المعنى في ذلك مع الواو ومع إسقاطها سواءٌ، وهو أنها تعطف الصفة على الصفة، لا يجوز غير ذلك، كما قال اللَّه تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو خاتم النبيين، وكما تقول: أَكْرِم إخوانك، وأبا زيد الكريم والحسيب، أخا محمد، فأبو زيد هو الحسيب، وهو أخو محمد.
فقوله: "وصلاة العصر" بيان للصلاة الوسطى، فهي الوسطى، وهي صلاة العصر.
وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر"، فلا يَحْتَمِل تأويلًا أصلًا، فوجب بذلك حمل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والصلاة الوسطى، وصلاة العصر" على أنها عطف صفة على صفة، ولا بُدَّ.
ويُبَيِّن أيضًا صحة هذا التأويل عنهم ما قد أوردناه عنهم أنفسهم، من قولهم: "والصلاة الوسطى، صلاة العصر".
وصحت الرواية عن عائشة بأنها العصر، وهي التي رَوَت نزول الآية، وفيها: "وصلاة العصر"، فصح أنها عَرَفَت أنها صفة لصلاة العصر، وهي سمعت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يتلوها كذلك، وبهذا ارتفع الاضطراب عنهم، وتتفق أقوالهم، ويصح كلُّ ما روي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، وينتفي عنه الاختلاف،