وقوله: (مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ، أَوْ قَالَ: قُبُورَهُمْ وَبُطُونَهُمْ نَارًا) قال بعضهم: ذكر القبور في جميع الروايات، والبيوت في أكثرها، والبطون والأجواف في بعضها، فقد يكون النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر الجميع، فاقتصر بعض الرواة على بعضها، أو ذكر بعضها، وشكّ الراوي فيما ذَكَر، والمقصود بالدعاء عليهم بملء القبور نارًا تعذيبهم في قبورهم، وبملء البيوت نارًا احتراقهم في الدنيا، أو اشتعال الفِتَن في بيوتهم، وبملء البطون والأحشاء نارًا كثرة مصائبهم، واحتراق قلوبهم بالكوارث والبلوى في أموالهم وأبدانهم، وأولادهم، ونحو ذلك (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[1427] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ الْأَحْزَابِ: "شَغَلُوَنَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، صَلَاةِ الْعَصْرِ، مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ، وَقُبُورَهُمْ نَارًا"، ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ).

رجال هذا الإسناد: ثمانية:

1 - (أَبُو كُرَيْبٍ) محمد بن العلاء الْهَمْدانيّ الكوفيّ، ثقةٌ حافظ [10] (ت 247) (ع) تقدم في "الإيمان" 4/ 117.

2 - (أَبُو مُعَاوِيةَ) محمد بن خازم الضرير الكوفيّ، ثقةٌ أحفظ الناس لحديث الأعمش، من كبار [9] (ت 190) (ع) تقدم في "الإيمان" 4/ 117.

3 - (الْأَعْمَشُ) سليمان بن مِهْرَان الأسديّ الكاهليّ مولاهم، أبو محمد الكوفيّ، ثقةٌ حافظٌ عارف بالقراءة، ورع، لكنه يدلّس [5] (ت 147) (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" ج 1 ص 297.

4 - (مُسْلِمُ بْنُ صُبَيْحٍ) -بالتصغير- الْهَمْدانيّ، أبو الضُّحَى الكوفيّ العطّار، ثقةٌ فاضلٌ [4] (ت 100) (ع) تقدم في "الطهارة" 22/ 635.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015