ابتداءها، وانتهاءها، ووسطها، فلو أُخذت من الابتداء إلى الانتهاء كان على وزان قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} الآية [فصّلت: 30]، معناه من رضي بالله ربًّا، وعَمِل بمقتضاه، لم يَدَعْ ما يجب عليه أن يأتي ويذر، فإنك إن تنزّلت من حديث خالق الموجودات إلى حديث الشوكة وإماطتها، هل تجد شيئًا مما يُحَسِّنه الشرع والعقل من الأخلاق، ومراضي الأعمال خارجًا من ذلك؟ ، وكذا لو عكست، وترقّيت من إماطة الشوكة إلى الأعلى، ولو شرعت في معنى الحياء، وفسّرته بما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استحيوا من الله حقَّ الحياء"، قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحيي، والحمد لله، قال: "ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء، أن تحفظ الرأس، وما وَعَى، والبطن وما حَوَى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء" (?).

لقد حاولتَ أمرًا عظيمًا، وفيه إشارة إلى منازل السائرين إلى الله، والسالكين لطريق الآخرة.

وقال الشيخ العارف أبو القاسم الجنيد رحمه الله: الحياء حالة تتولّد من رؤية الآلاء، ورؤية التقصير، ثم ليذق من مُنِح الفضل الإلهي، ورُزق الطبع السليم معنى إفراد الحياء بالذكر بعد دخوله في الشعب، كأنه يقول: هذه شعبةٌ واحدةٌ من شُعَبه، فهل تُحصى وتُعَدّ شُعبها؟ هيهات، إن البحر لا ينزف.

وكفى بهذا الحديث شاهدًا على أن الإيمان جامع للتصديق، والإقرار، والأعمال، ومن ردّه كابر عقله، وظهر من هذا معنى التكثير في سبعين.

ولخّص بعض المفسّرين قول عليّ بن عيسى النحويّ في ذلك، وقال: السبعة أكمل الأعداد؛ لجمعها معاني الأعداد؛ لأن الستّة أوّل عدد تامّ؛ لأنها تعادل أجزاءها، فإن نصفها ثلاثة، وثلثها اثنان، وسدسها واحد، وجملتها ستة سواء، وهي مع الواحد سبعة، وكانت كاملة؛ إذ ليست بعد التمام سوى الكمال، ولعلّ واضع اللغة يسمّي الأسد سبعًا؛ لكمال قوّته، كما أنه أسدٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015