وفنّ العمل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
[أحدها]: يتعلّق بالمرء نفسه، وهو ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما يتعلّق بالباطن، وحاصله تزكية النفس عن الرذائل، وأمهاتها عشرة: شَرَهُ الطعام، وشَرَهُ الكلام، والبخل، والكبر، وحبّ المال، وحبّ الجاه، وحبّ الدنيا، والحقد، والْحَسَدُ، والرياء، والْعُجب.
وتحليةُ النفس بالكمالات، وأمهاتها ثلاث عشرة: التوبة، والخوف، والرجاء، والزهد، والحياءُ، والشكر، والوفاء، والصبر، والإخلاص، والصدق، والمحبّةُ، والتوكّلُ، والرضا بالقضاء.
وثانيهما: ما يتعلّق بالظاهر، وتسمّى بالعبادات، وشُعبها ثلاث عشرة: طهارة البدن عن الحدث والخبَث، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والقيام بأمر الجنائز، وصيام رمضان، والاعتكاف، وقراءة القرآن، وحجّ البيت والعمرة، وذبح الضحايا، والوفاء بالنذر، وتعظيم الأيمان، وأداء الكفّارات.
[وثانيها]: ما يتعلّق به وبخواصّه، وأهل منزلته، وشُعبها ثمان: التعفّف عن الزنا، والنكاح، والقيام بحقوقه، والبرّ بالوالدين، وصلة الرحم، وطاعة السادة، والإحسان إلى المماليك، والعتق.
[وثالثها]: ما يعمّ الناس، وينوط به إصلاح العباد، وشُعَبها سبع عشرة: القيام بإمارة المسلمين، واتباع الجماعة، ومطاوعة أولي الأمر، ومعاونتهم على البرّ، وإحياء معالم الدين ونشرها، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحفظ الدين بالزجر عن الكفر، ومجاهدة الكفّار، والمرابطة في سبيل الله، وحفظ النفس بالكفّ عن الجنايات، وإقامة حقوقها من القصاص والديات، وحفظ أموال الناس بطلب الحلال، وأداء الحقوق، والتجافي عن المظالم، وحفظ الأنساب، وأعراض الناس بإقامة حدود الزنا والقذف، وصيانة العقل بالمنع عن تناول المسكرات، والمخبثات بالتهديد، والتأديب عليه، ودفع الضرر عن المسلمين، ومن هذا القبيل إماطة الأذى.
وأقول - والعلم عند الله -: الأظهر أن يُذهَب إلى معنى التكثير، ويكون ذكر البضع للترقي، يعني أن شُعب الإيمان أعداد مبهمة، ولا نهاية لكثرتها؛ إذ لو أريد التحديد لم يُبهمه، ولعمري إنه كذلك، وبيانه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَيّن