لإساده في السير، ثم السبعون غاية الغاية؛ إذ الآحاد غايتها العشرات، انظر أيها المتأمل في هذه الألفاظ القليلة المستقلّة بالمعاني الجمّة الجليلة، واشهد له أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتي كنوز الحكمة، وفصل الخطاب. انتهى كلام الطيبيّ (?).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي الأولى عدم الخوض في تفاصيل معنى الشعب المذكورة في هذا الحديث؛ لعدم ورود نصّ مفصّل لها، قال القاضي عياض: تَكَلَّف جماعة حصر هذه الشُّعَب بطريق الاجتهاد، وفي الحكم بكون ذلك هو المرادَ صعوبة، ولا يَقْدَح عدم معرفة حصر ذلك على التفصيل في الإيمان. انتهى.

والحاصل أن التصدّي لبيان تفاصيلها، تكلّف ظاهرٌ، فلا ينبغي التعويل عليه، والله تعالى أعلم بالصواب.

[تنبيه]: قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:

[فإن قيل]: فأهل الحديث والسنة عندهم أن كلّ طاعة، فهي داخلة في الإيمان، سواء كانت من أعمال الجوارح، أو القلوب، أو من الأقوال، وسواء في ذلك الفرائض، والنوافل، هذا قول الجمهور الأعظم منهم، وحينئذ، فهذا لا ينحصر في بضع وسبعين، بل يزيد على ذلك زيادة كثيرةً، بل هي غير منحصرة.

[قيل]: يمكن أن يجاب عن هذا بأجوبة:

[أحدها]: أن يقال: إن عدد خصال الإيمان عند قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان منحصرًا في هذا العدد، ثم حدثت الزيادة فيه بعد ذلك، حتى كملت خصال الإيمان في آخر حياة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وفي هذا نظر.

[والثاني]: أن تكون خصال الإيمان كلّها تنحصر في بضع وسبعين نوعًا، وإن كانت أفراد كل نوع تتعدّد تعدّدًا كثيرًا، وربّما كان بعضها لا ينحصر، وهذا أشبه، وإن كان الوقوف على ذلك يعسر، أو يتعذّر.

[والثالث]: أن ذكر السبعين على وجه التكثير للعدد، لا على وجه الحصر، كما في قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015