يعني إن قُدِّرَ أن المثليّة تقتضي الأفضليّة، فتحصُل الأفضليّة، وقد عُلِمَ أنها لا تقتضيها، فإذًا لا يكون أحدٌ أفضل منكم، وهذا على مذهبٍ تميميّ (?).

ويَحْتَمِل أن يكون المعنى: ليس أحدٌ أفضل منكم إلا هؤلاء، فإنهم يساوونكم، ويَحْتَمل أن يكون المعني بـ "أحدٌ" الأغنياءُ، أي ليس أحدٌ منهم أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم. انتهى كلام الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وقال في "الفتح" عند شرح رواية البخاريّ بلفظ: "وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم" ما نصّه: قيل: ظاهره يخالف ما سبق؛ لأن الإدراك ظاهره المساواة، وهذا ظاهره الأفضلية.

وأجاب بعضهم بأن الإدراك لا يلزم منه المساواة، فقد يُدرِك ثم يفوق، وعلى هذا فالتقرب بهذا الذكر راجح على التقرب بالمال.

ويَحْتَمِل أن يقال: الضمير في "كنتم" للمجموع من السابق والمدرك، وكذا قوله: "إلا مَن صنع مثل صنيعكم" أي من الفقراء، فقال الذكرَ، أو من الأغنياء، فتصدق، أو أن الخطاب للفقراء خاصّةً، لكن يشاركهم الأغنياء في الخيرية المذكورة، فيكون كل من الصنفين خيرًا ممن لا يتقرب بذكر، ولا صدقة، ويَشهد له قوله في حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عند البزار: "أدركتم مثل فضلهم"، ولمسلم في حديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه-: "أوَليس قد جعل لكم ما تتصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقةً، وبكل تكبيرة صدقة. . . " الحديث.

واستُشكِل تساوي فضل هذا الذكر بفضل التقرب بالمال، مع شدّة المشقة فيه.

وأجاب الكرمانيّ بأنه لا يلزم أن يكون الثواب على قدر المشقة في كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015