الأعمالِ بسبب المال، ورجّحه الشيخ تقيّ الدين على السبق زمانًا، وعلى هذا ينبغي حملُ البعديّة في قوله: "وتسبقون به من بعدكم" على البعديّة رتبةً أيضًا، أي تسبقون به أمثالكم الذين لا يقولون هذه الأذكار، فتكون البعديّة معنويّةً، أي بحسب الرتبة، لا حسّيّةً. انتهى (?).

وقال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: السبقيّة هنا يَحْتَمِل أن تكون في الغنى، وهو السبق في الفضيلة، وقوله: "مَن بعدكم" أي من بعدكم في الفضيلة ممن لا يعمل هذا العمل، ويَحْتَمل أن يُراد القبليّة الزمانيّة، والبعديّة الزمانيّة، ولعلّ الأول أقربُ إلى السياق، فإن سؤالهم كان عن أمر الفضيلة، وتقدّم الأغنياء. انتهى (?).

قال ابن الملقّن بعد ذكر كلام ابن دقيق العيد هذا: لعلّ مراده بالقبليّة والبعديّة من كان في زمنهم، وإلا ففضيلة هذه الأمة ثابتة على من سبقهم، وإن لم يقولوا هذا الذكر. انتهى (?).

(وَتَسْبِقُونَ) -بفتح أوله- من السَّبْق (بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ) -بفتح ميم "من"، وهي موصولة مفعولُ "تَسبقون" (وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ، إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟ ") قيل: الاستثناء متعلّق بهذه الجملة الأخيرة فقط، وقيل: يصحّ جعله متعلّقًا بالجمل الثلاث كلّها على معنى: يحصل لكم الأحوال الثلاثة بالنظر إلى الطوائف إلا من عَمِل من الطوائف الثلاثَ مثله.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

[فإن قلت]: ما معنى الأفضليّة في قوله: "لا يكون أحدٌ أفضل منكم" مع قوله: "إلا من صنع مثل ما صنعتم"، فان الأفضليّة تقتضي الزيادة، والمثليّة تقتضي المساواة؟ .

[قلت]: هو من باب قوله [من الرجز]:

وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ... إِلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015