(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("وَمَا ذَاكَ؟ ") وفي البخاريّ في "الدعوات"، من رواية ورقاء، عن سُمَيّ: "قال: كيف ذلك؟ "، والمعنى: ما سببُ قولكم هذا؟ ، أو ما سبب فوزهم، وحِيازهم دونكم؟ .
(قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ) زاد في حديث أبي الدرداء المذكور: "ويذكرون كما نَذْكُر"، وللبزار من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "صَدَّقوا تصديقنا، وآمنوا إيماننا" (وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّق) وفي رواية البخاريّ: "ولهم فضل أموال، يحجّون بها، ويَعتمرون، ويُجاهدون، ويتصدّقون" (وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ) بضمّ حرف المضارعة، من الإعتاق، لا من العتق.
وفي رواية البخاريّ: "ولهم فَضْلٌ من الأموال، يحجّون بها، ويَعتمرون، ويُجاهدون، ويتصدّقون".
قال في "الفتح": قوله: "يَحُجّون بها"، أي ولا نَحُجّ، يُشْكِل عليه ما وقع في رواية جعفر الفريابيّ من حديث أبي الدرداء -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "ويَحُجُّون كما نحج"، ونظيره ما وقع هنا: "ويجاهدون"، ووقع في "الدعوات" من رواية وَرْقاء، عن سُمَيّ: "وجاهدوا كما جاهدنا"، لكن الجواب عن هذا الثاني ظاهر، وهو التفرقة بين الجهاد الماضي، فهو الذي اشتركوا فيه، وبين الجهاد المتوقَّع، فهو الذي تقدِرُ عليه أصحاب الأموال غالبًا، ويمكن أن يقال مثله في الحجّ، ويَحْتَمِل أن يقرأ: "يُحِجُّون بها" بضم أوله من الرباعيّ، أي يعينون غيرهم على الحجّ بالمال. انتهى (?).
(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفَلَا أُعَلِّمُكُمْ) -بضم حرف المضارعة، وتشديد اللام- من التعليم، وقُدّمت الهمزة للصدارة، والتقدير: ألا أُسلِّيكم، فأعلّمكم؟ (شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ) أي بذلك الشيء (مَنْ سَبَقَكُمْ) أي من أهل الأموال الذين امتازوا عليكم بالصدقة، والإعتاق، و"من" موصولة مفعول به لـ "تُدرِكون".
والسبقية هنا يَحْتَمِل أن تكون معنوية، وأن تكون حسية، قال الشيخ تقيّ الدين: والأول أقرب، قاله في "الفتح".
وقال في "المرعاة": والمراد بالسبق السبقُ رُتبةً، أي من حيث كثرة