قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: عندي في تضعيف الزيادة المذكورة نظر، بل هي زيادة صحيحة، وقد أخرجها البخاريّ، والنسائيّ، فالذي يظهر أن تقييد هذا الذكر بثلاث مرّات هو الحقّ، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

(اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ) أي أعطيته، فالعائد محذوف، وكذا ما بعده، قال في "الخلاصة":

. . . . . . . . . . . . . . ... وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي

فِي عَائِدٍ مُتَّصِل إِنِ انْتَصَبْ ... بِفِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ كَـ "مَنْ نَرْجُو يَهَبْ"

والمعنى: أن من قضيت له بقضاء من رزق أو غيره لا يمنعه أحد عنه (وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ) أي من قضيت عليه بحرمان شيء، فلا أحد يقدر على إعطائه ذلك (وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) المشهور الذي عليه الجمهور أنه بفتح الجيم، ومعناه: لا ينفع ذا الغنى والحظّ منك غناه، وضبطه جماعة بكسر الجيم، ومعناه: الاجتهاد، وقد تقدّم في "باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع".

وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "الجَدّ": الغنى، ويقال: الحظّ، قال: و"مِنْ" في قوله "منك" بمعنى البدل، قال الشاعر [من الطويل]:

فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً ... مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى الطَّهَيَانِ (?)

يريد: لنا بدل ماء زمزم. انتهى.

وفي "الصحاح": معنى "منك" هنا: "عندك"، أي لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنما ينفعه العمل الصالح.

وقال ابن التين: الصحيح عندي أنها ليست بمعنى "البدل"، ولا بمعنى "عند"، بل هو كما تقول: ولا ينفعك مني شيء، إن أنا أردتك بسوء.

قال الحافظ: ولم يظهر لي من كلامه معنى، ومقتضاه أنها بمعنى "عندك"، أو فيه حذف، تقديره: "من قضائي"، أو "سطوتي"، أو "عذابي".

واختار الشيخ جمالُ الدين في "المغني" الأولَ.

قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "منك" يتعلّق بـ "ينفع"، وينبغي أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015