"ينفع" قد ضُمّن معنى "يمنع"، أو ما قاربه، ولا يعود "منك" إلى "الجدّ" على الوجه الذي يقال فيه: حظي منك قليل، أو كثير، بمعنى عنايتك بي، أو رعايتك لي، فإن ذلك نافع. انتهى.
و"الجدّ" مضبوط في جميع الروايات بفتح الجيم، ومعناه: الغنى، كما نقله البخاريّ عن الحسن، أو الحظّ.
وحكى الراغب أن المراد به هنا أبو الأب، أي لا ينفع أحدًا نسبه.
وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ -: حُكي عن أبي عمرو الشيباني أنه رواه بالكسر، وقال: معناه: لا ينفع ذا الاجتهاد اجتهاده، وأنكره الطبري. وقال القزّاز في توجيه إنكاره: الاجتهاد في العمل نافع؛ لأن اللَّه قد دعا الخلق إلى ذلك، فكيف لا ينفع عنده؟ ، قال: ويَحْتَمِل أن يكون المراد أنه لا ينفع الاجتهاد في طلب الدنيا، وتضييع أمر الآخرة.
وقال غيره: لعل المراد أنه لا ينفع بمجرّده، ما لم يقارنه القبول، وذلك لا يكون إلا بفضل اللَّه ورحمته، كما ثبت في حديث: "لا يُدخلُ أحدًا منكم الجنةَ عمَلُهُ"، وقيل: المراد على رواية الكسر السعي التامّ في الحرص، أو الإسراع في الهرب.
وقال النووي: الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح، وهو الحظّ في الدنيا بالمال، أو الولد، أو العظمة، أو السلطان.
والمعنى لا يُنجيه حظه منك، وإنما يُنجيه فضلك ورحمتك.
[تنبيه]: اشتَهَرَ على الألسنة في الذكر المذكور زيادة: "ولا رادّ لما قضيت"، وهي في مسند عبد بن حُميد من رواية معمر، عن عبد الملك بن عُمير، عن ورّاد به، لكن حذف قوله: "ولا معطي لما منعت"، ووقع عند الطبراني تامًّا من وجه آخر، قاله في "الفتح" (?).
وعبارة ابن الملقّن في "إعلامه": مِنَ الناس من يزيد في هذا الدعاء: "ولا رادّ لما قضيت"، ورأيت من يُنكر هذه اللفظة، وهو عجيبٌ، فقد أخرجها عبد بن حُميد في "مسنده" (?)، عن عبد الرزّاق، عن معمر، عن ورّاد، قال: