على ما فُسِّرَ. انتهى كلام ابن منظور باختصار، وزيادة (?).
(أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) بفتح همزة "أن"؛ لوقوعها موقع المصدر، لأنها مفعول "زَعَمَ"، كما قال في "الخلاصة":
وَهَمْزَ إنَّ افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ ... مَسَدَّهَا وَفِي سِوَى ذَاكَ اكْسرِ
({وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (?)} [النجم: 1]) مفعول "قرأ" مَحْكيّ، أي قرأت "سورة النجم" (فَلَمْ يَسْجُدْ) أي لم يسجد النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تلك السجدة.
واستنبط بعضهم من هذا الحديث أن القارئ إذا تلا على الشيخ لا يُندَب له سجود التلاوة ما لم يسجُد الشيخ، أدبًا مع الشيخ.
وتُعُقّب بأنه لا يلزم من تركه عدم ندبيّته، وإنما يستفاد منه أنه تركه لبيان الجواز، وقد سبق تحقيق هذا في المسألة الرابعة من الحديث الماضي، فتنبّه.
وقال القرطبيّ: وهذا الحديث يدلّ على أن قوله تعالى في "سورة النجم": {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} [النجم: 62] لا يراد منه سجود التلاوة؛ إذ لو كان له لَمَا تركه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولذا قال مالك: إنها ليست من العزائم.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قول القرطبيّ هذا متعقَّبٌ بمثل ما قبله، فيقال: إن ترك النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- السجود فيه إنما يدلّ على الجواز، لا على عدم المشروعيّة؛ لأنه قد ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سجد فيه، فتبصّر.
قال: وحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- في سجود النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في "الانشقاق" و"اقرأ" حجة لابن وهب، ومن قال بقوله، وقد قدّمنا أن ذلك كان من فعله متقدمًا، وأن العمل استقرّ على ترك ذلك، ويصحّ الجمع بين الأحاديث المختلفة في سجدات المفصَّل بما قد رُوي عن مالك أنه خَيَّر فيها. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الجواب الأخير هو المعتمد، وأما قوله: "وأن العمل استقرّ على ترك ذلك" فدعوى عاطلة، لا بيّنة عليها.
وَالدَّعَاوِي إِنْ لَمْ تُقِيمُوا عَلَيْهَا ... بَيِّنَاتٍ أَبْنَاؤُهَا أَدْعِيَاءُ
وسيأتي أنه قد ثبت العمل منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والخلفاء الراشدين كما قاله الحافظ