(وَزَعَمَ) من باب قتل، وفي الزعم ثلاث لغات: فتح الزاي للحجاز، وضمها لأسد، وكسرها لبعض قيس، قاله في "المصباح".
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد بالزَّعم هنا القول المحقَّق، والزعم يُطلَق على القول المحقَّق، والكذب، وعلى المشكوك فيه، ويُنَزَّلُ في كل موضع على ما يليق به. انتهى كلام النووي بتغيير يسير (?).
وقال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: الزعم مثلث: الأول: القول، وقيل: هو القول يكون حقًّا، ويكون باطلًا، وقيل: الزعم الظنّ، وقيل: الكذب، وقال ابن بَريّ: الزعم يأتي في كلام العرب على أربعة أوجه:
1 - يكون بمعنى الكفالة والضمان، كقول عمر بن أبي ربيعة [من الرمل]:
قُلْتُ: كَفّي لَكِ رَهْنٌ بِالرّضَا ... وَازْعُمِي يَا هِنْدُ قَالَتْ: قَدْ وَجَبْ
2 - ويكون بمعنى الوعد، كقول عَمْرو بن شَأس [من الطويل]:
تَقُولُ: هَلَكْنا إنْ هَلَكْتَ وإنَّمَا ... عَلَى اللَّه أرْزَاقُ الْعِبَادِ كَمَا زَعَمْ
وقال الهرويّ: زَعَمَ هنا بمعنى أخبر، ويجوز أن يقال: إن زعم بمعنى ضَمِنَ، ومنه الحديث: "الزعيم غارم" (?) (?).
3 - ويكون بمعنى القول والذِّكْر، كقول أبي زُبَيدٍ الطائي [من البسيط]:
يَا لَهْفَ نَفْسِيَ إنْ كَانَ الَّذِي زَعَمُوا ... حَقًّا وَمَاذَا يَرُدُّ الْقَوْمَ تَلْهِيفِي
4 - ويكون بمعنى الظن، كقول عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتْبَة بن مسعود [من الطويل]:
فَذُقْ هَجْرَهَا قَدْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ ... رَشَادٌ ألَا يَا رُبَّمَا كَذَبَ الزَّعْمُ
قال: فهذا البيت لا يَحْتَمِل سوى الظن، وبيت عمر بن أبي ربيعة لا يَحْتَمِل سوى الضمان، وبيت أبي زُبَيد لا يحتمل سوى القول، وما سوى ذلك