12 - (ومنها): أن الكلام سهوًا لا يبطل الصلاة، خلافًا للحنفية.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأما قول بعضهم: إن قصة ذي اليدين كانت قبل نسخ الكلام في الصلاة، فضعيف؛ لأنه اعتَمَدَ على قول الزهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- إنها كانت قبل بدر، وقد قدمنا أنه إما من وَهَمِ الزهريّ في ذلك، أو تعددت القصة لذي الشمالين المقتول ببدر، ولذي اليدين الذي تأخرت وفاته بعد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد ثبت شهود أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- للقصة، كما تقدم وهو متأخّر الإسلام، وشَهِدها أيضًا عمران بن حُصين -رضي اللَّه عنهما-، وإسلامه متأخر أيضًا، ورَوَى معاوية بن حُدَيج -بمهملة وجيم مصغّرًا- قصة أخرى في السهو، ووقع فيها الكلام، ثم البناء، أخرجها أبو داود، وابن خزيمة، وغيرهما، وكان إسلامه قبل موت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بشهرين.
وقال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل أن يكون قول زيد بن أرقم -رضي اللَّه عنه-: "ونهينا عن الكلام" أي إلا إذا وقع سهوًا، أو عمدًا لمصلحة الصلاة، فلا يعارض قصة ذي اليدين. انتهى.
13 - (ومنها): أنه يُسْتَدَلّ به على أن المقدّر في حديث: "رُفعَ عن أمتي الخطأ والنسيان"، أي إثمهما وحكمهما، خلافًا لمن قصره على الإثم.
14 - (ومنها): أنه استَدَلّ به من قال: إن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها.
وتُعُقِّب بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يتكلم إلا ناسيًا، وأما قول ذي اليدين له: "بلى قد نسيتَ"، وقول الصحابة له: "صدق ذو اليدين"، فإنهم تكلموا معتقدين النسخ في وقت يمكن وقوعه فيه، فتكلموا ظنًّا أنهم ليسوا في صلاة، كذا قيل، وهو فاسد؛ لأنهم كلموه بعد قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم تُقصر".
وأجيب بأنهم لم ينطقوا، وإنما أومأوا، كما عند أبي داود في رواية، ساق مسلم إسنادها، وهذا اعتمده الخطابيّ، وقال: حَمْلُ القول على الإشارة مجازًا سائغٌ، بخلاف عكسه، فينبغي ردّ الروايات التي فيها التصريح بالقول إلى هذه.
قال الحافظ: وهو قويّ، وهو أقوى من قول غيره: يُحمَلُ على أن بعضهم قال بالنطق، وبعضهم بالإشارة، لكن يبقى قول ذي اليدين: "بلى قد