نسيت"، ويجاب عنه، وعن البقية على تقدير ترجيح أنهم نطقوا بأن كلامهم كان جوابًا للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجوابه لا يقطع الصلاة، كما تقدم في حديث أبي سعيد بن المعَلَّى -رضي اللَّه عنه-.
وتُعُقّب بأنه لا يلزم من وجوب الإجابة عدمُ قطع الصلاة.
وأجيب بأنه ثبت مخاطبته -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهد، وهو حيّ بقولهم: "السلام عليك أيها النبي"، ولم تفسد الصلاة. والظاهر أن ذلك من خصائصه.
ويَحتَمل أن يقال: ما دام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يراجع المصلَّي، فجائز له جوابه حتى تنقضي المراجعة، فلا يختص الجواز بالجواب، لقول ذي اليدين: "بلى قد نسيتَ"، ولم تبطل صلاته.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن الأرجح قول من قال: إن الكلام في مصلحة الصلاة، على مثل ما وقع في هذه القصّة مستثنًى من حديث: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس"، رواه مسلم؛ لأن هذا الذي وقع في هذه القصّة إنما وقع بعد النهي المذكور، كما أسلفنا البحث عنه مستوفى في محلّه.
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: حصل من مجموع هذا الحديث أن الكلّ تكلّموا في الصلاة بما يُصلحها، ثمّ من بعد كلامهم كمّل الصلاة، وسجد، ولغا كلامهم، ولم يضُرّ، فصار حجةً لمالك على أن من تكلّم في الصلاة لإصلاحها لم تبطل صلاته، وخالفه بعض أصحابه، وأكثر الناس، فجعلوه مفسدًا للصلاة، قال: والصحيح ما ذهب إليه مالك؛ تمسّكًا بالحديث، وحملًا له على الأصل الكليّ من تعدّي الأحكام، وعموم الشريعة، ودفعًا لما يُتوهَّم من الخصوصيّة؛ إذ لا دليل عليها، ولو كان شيء مما ادُّعِي لكان فيه تأخيرُ البيان عن وقت الحاجة، ولا يجوز إجماعًا، ولكان بيّنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما فَعَل في حديث أبي بُرْدة بن نِيَار -رضي اللَّه عنه-، حيث قال: "ضَحِّ بها، ولن تَجزي عن أحد بعدك"، متّفقٌ عليه. انتهى ملخّص كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو تحقيق نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.
15 - (ومنها): أن سجود السهو لا يتكرر بتكرر السهو، ولو اختلف الجنس، خلافًا للأوزاعيّ، ورَوَى ابن أبي شيبة عن النخعيّ أن لكلّ سهو سجدتين.