الإتمام، فسأل، مع كون أفعال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للتشريع، والأصل عدم السهو، والوقتُ قابل للنسخ، وبقية الصحابة ترددوا بين الاستصحاب، وتجويز النسخ، فسكتوا، والسَّرَعانُ هم الذين بنوا على النسخ، فجزموا بأن الصلاة قصرت، فيؤخذ منه جواز الاجتهاد في الأحكام.
5 - (ومنها): جواز البناء على الصلاة لمن أتى بالمنافي سهوًا، قال سحنون: إنما يَبْنِي من سلّمَ من ركعتين، كما في قصة ذي اليدين؛ لأن ذلك وقع على غير القياس، فيُقتصر به على مورد النصّ، وأُلزمَ بقصر ذلك على إحدى صلاتي العشيّ، فيمنعه مثلًا في الصبح، والذين قالوا: يجوز البناء مطلقًا قيّدوه بما إذا لم يَطُل الفصل، واختلفوا في قدر الطول، فحدّه الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الأمّ" بالعرف، وفي "البويطي" بقدر ركعة، وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قدر الصلاة التي يقع السهو فيها.
6 - (ومنها): أن الباني لا يحتاج إلى تكبيرة الإحرام، وأن السلام، ونِيّةَ الخروج من الصلاة سهوًا لا يقطع الصلاة.
7 - (ومنها): أن سجود السهو يكون بعد السلام، وقد تقدّم تمام البحث فيه، قريبًا.
8 - (ومنها): أن سجود السهو سجدتان كسجدتي الصلاة، وبينهما جَلْسة فاصلةٌ، وهذا أمر مُجْمَعٌ عليه.
9 - (ومنها): أن سجود السهو لا يكون إلا في آخر الصلاة؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يسجد إلا في آخرها، وقد قيل: الحكمة في ذلك أنه شُرع جابرًا لما يقع في الصلاة من الخلل، إما بزيادة أو نقص، فاقتضت الحكمة كونَه آخرًا؛ لِيَجْبُر جميع ما تقدمه من الخلل؛ إذ لو فُعل في الوسط ربما تَجَدّد بعده سهو آخر، فيستدعي تكرار سجود السهو، ولم يُشرع إلا سجدتان، ولو تعدد السهو، واللَّه تعالى أعلم.
10 - (ومنها): مشروعية التكبير لسجود السهو في الْهُويّ والرفع منه، كما في سجود الصلاة.
11 - (ومنها): مشروعية الجهر بتكبير سجود السهو؛ ليعلم المأمومون بانتقالات الإمام، فيأتموا به.