(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ ") استفهام عما قاله، وفي رواية أبي سفيان: "أصدق ذو اليدين؟ "، وفي رواية للبخاريّ: "أكما يقول ذو اليدين؟ "، والهمزة للاستفهام، أي هل الأمر كما يقول ذو اليدين من وقوع الخلل في هذه الصلاة؟ (قَالُوا: صَدَقَ) وفي رواية أبي سفيان: "فقالوا: نعم يا رسول اللَّه"، وفي رواية أبي داود: فقال: "أصدق ذو اليدين؟ "، فأومأوا، أي نعم.

قيل: ولا منافاة بين هذه الروايات، لإمكان الجمع بينها بأن بعض الرواة جمع بين الإشارة والكلام، وبعضهم أشار، وبعضهم تكلم.

(لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) أي ما بقي من صلاته، وفي رواية أبي سفيان: "فأتمّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما بقي من الصلاة"، وفي رواية البخاريّ: "فتقدّم، فصلى ما ترك"، وفي رواية أبي داود: "فرجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مقامه، فصلّى الركعتين الباقيتين".

(وَسَلَّمَ) وفي رواية البخاريّ: "ثمّ سلّم"، قال الحافظ العلائيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: جميع رواياته وطرقه لم يَختلف فيه شيء منها أن السجود بعد السلام، كذا في شرح ابن رسلان لسنن أبي داود، وهذا يَهْدِم قاعدةَ المالكية، ومن وافقهم أنه إذا كان السهو بالنقصان يسجد قبل السلام.

(ثُمَّ كَبَّرَ) أي للسجود بعد السلام، قال في "الفتح": اختُلِف في سجود السهو بعد السلام، هل يشترط له تكبيرة الإحرام، أو يُكتفَى بتكبيرة السجود؟ فالجمهور على الاكتفاء، وهو ظاهر غالب الأحاديث.

وحَكَى القرطبيّ أن قول مالك لم يَختَلِف في وجوب السلام بعد سجدتي السهو، قال: وما يتحلل منه بسلام، لا بدّ له من تكبيرة إحرام، ويؤيده ما رواه أبو داود من طريق حماد بن زيد، عن هشام بن حسّان، عن ابن سيرين في هذا الحديث، قال: "فكبر، ثم كبر، وسجد للسهو". قال أبو داود: لم يقل أحد: "فكبر، ثم كبر" إلا حماد بن زيد، فأشار إلى شذوذ هذه الزيادة.

وقال القرطبي أيضًا: قوله -يعني في رواية مالك-: "فصلّى ركعتين، ثم سلّم، ثم كبّر، ثم سجد" يدلّ على التكبيرة للإحرام؛ لأنه أتى بـ "ثمّ" التي تقتضي التراخي، فلو كان التكبير للسجود لكان معه.

وتعقّب بأن ذلك من تصرّف الرواة، فقد رواه ابن عون، عن ابن سيرين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015