عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: إذا شك أحدكم في صلاته، فَلْيَتَوَخَّ حتى يَعْلَم أنه قد أتمَّ. انتهى.

وفي كلام الشافعيّ نحوه، ولفظه: قوله: "فليتحرَّ" أي في الذي يَظُنّ أنه نقصه فليتمه، فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه، ويبني على ما استيقن، وهو كلام عربيّ مطابق لحديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-، إلا أن الألفاظ تَخْتَلف.

وقيل: التحرِّي هو: الأخذ بغالب الظنّ، وهو ظاهر الروايات التي عند مسلم.

وقال ابن حبّان في "صحيحه": البناء غير التحرّي، فالبناء أن يشك في الثلاث أو الأربع مثلًا، فعليه أن يُلغي الشك، والتحرِّي أن يشك في صلاته، فلا يدري ما صلى، فعليه أن يبني على الأغلب عنده.

وقال غيره: التحرِّي لمن اعتراه الشك مرةً بعد أخرى، فيبني على غلبة ظنه، وبه قال مالك، وأحمد، وعن أحمد في المشهور: التحري يتعلق بالإمام، فهو الذي يبني على ما غلب على ظنه، وأما المنفرد فيبني على اليقين دائمًا، وعن أحمد رواية أخرى كالشافعية، وأخرى كالحنفية.

وقال أبو حنيفة: إن طرأ الشك أوّلًا استَأنف، وإن كَثُرَ بَنَى على غالب ظنه، وإلا فعلى اليقين.

ونَقَل النوويّ أن الجمهور مع الشافعيّ، وأن التحري هو القصد، قال اللَّه تعالى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا}، وحَكَى الأثرم عن أحمد في معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا غِرَار في صلاة"، قال: أن لا يخرج منها إلا على يقين، فهذا يُقَوِّي قول الشافعي.

وأبعد مَن زَعَم أن لفظ التحرّي في الخبر مُدرَج من كلام ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، أو ممن دونه؛ لتفرد منصور بذلك، عن إبراهيم، دون رُفْقته؛ لأن الإدراج لا يَثْبُت بالاحتمال. انتهى (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تقدّم قريبًا أن الراجح في تفسير التحرّي هو الأخذ بغالب الظنّ، كما فسّره به ابن حبّان -رضي اللَّه عنه- في "صحيحه"، وإنما رجّحته؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015