الذي عليه أكثر أهل العلم اتَّبَاع ظاهر خبر ابن بُحَينة، يقولون: إذا قام المصلِّي من الركعتين الأوليين، فإن ذكر بعد أن يستوي قائمًا لم يرجع إلى الجلوس، ومضى في صلاته، وسجد سجدتي السهو.

وممن روينا عنه أنه فعل ذلك عمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وابن الزبير، والضحّاك بن قيس، والنعمان بن بشير، وابن مسعود -رضي اللَّه عنهم-.

وقد اختلف أهل العلم فيمن فعل ذلك:

فقالت طائفة: إذا ذَكَرَ، ولم يستتمّ قائمًا جلس، هذا قول علقمة، والضحّاك، وقتادة، والأوزاعي، والشافعيّ، ورُوي ذلك عن مكحول، وعمر بن عبد العزيز، غير أن الشافعيّ يرى إذا رجع إلى الجلوس أن يسجد سجدتي السهو، وفي قول علقمة، والأوزاعيّ: لا يسجد.

وقالت طائفة: إن ذَكَر ساعةَ يقومُ جلس، كذلك قال حمّاد بن أبي سليمان، وقال النخعي: يقعد ما لم يستفتح بالقراءة.

وقالت طائفة: إن المصلِّي إذا فارقت أَلْيَتُهُ الأرضَ، وناء (?) للقيام مَضَى كما هو، ولا يرجع حتى يجلس في الرابع، ثمّ يسجد سجدتي السهو قبل السلام، كذلك قال مالك بن أنس، وقال حسّان بن عطيّة: إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مَضَى.

وقالت طائفة: يقعد، وإن قرأ ما لم يركع، قال الحسن البصري: يقعد، وإن قرأ ثمانين آية، ما لم يركع. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الراجح عندي هو ما ذهب إليه الجمهور، وهو أن من قام من الركعتين الأوليين، وعليه جلوس لا يرجع إلى الجلوس، بل يمضي في صلاته، ثم يسجد سجدتي السهو قبل السلام، ثم يسلم؛ لصحة حديث عبد اللَّه ابن بحينة -رضي اللَّه عنه- المذكور في الباب في ذلك، واللَّه تعالى أعلم.

قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد اختُلف فيمن ذَكَرَ، وقد نهض للقيام قبل أن يستوي قائما، فجلس:

فرأت طائفة أن يسجد سجود السهو، رُوي ذلك عن النعمان بن بشير، وأنس بن مالك، وبه قال الثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015