وأسقطت طائفة عنه سجود السهو، كان علقمة، والنخعي، والأوزاعي لا يرون عليه سجود السهو. انتهى كلام ابن المنذر رحمه اللَّه تعالى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: عندي الراجح المذهب الأول، وهو أنه يسجد للسهو، لحديث معاوية -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "من نسي من صلاته شيئًا، فليسجد مثل هاتين السجدتين"، رواه أحمد في "مسنده" 4/ 100 بإسناد حسن.

فقوله: "شيئًا" نكرة في سياق الشرط، فيعمّ قليل السهو وكثيره، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[1274] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، قَالَ: (ح) وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الْأَسْدِيِّ، حَلِيفِ بَني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَامَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، يُكَبِّرُ (?) فِي كُلِّ سَجْدَةٍ، وَهُوَ جَالِسٌ، قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ، مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الْجُلُوسِ).

رجال هذا الإسناد: ستّةٌ، وكلهم تقدّموا في الباب.

وقوله: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الْأَسْدِيِّ) بسكون السين المهملة، ويقال فيه: الأزديّ، كما ذكره في الرواية الأخرى، والأَزْدُ والأَسْدُ بإسكان السين: قبيلة واحدةٌ، وهما اسمان مترادفان لها، وهم أَزْدَ شَنُوءَةَ، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

وقوله: (حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كذا هو في نسخ صحيح البخاريّ ومسلم، والذي ذكره ابن سعد وغيره من أهل السِّيَر والتواريخ أنه خَلِيِف بني المطَّلِب، وكان جدّه حالف المطلب بن عبد مناف.

والحديث متّفقٌ عليه، وشرحه، وفوائده تقدّمت في الحديث الماضي، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015