قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاحتمال الثاني هو ظاهر اللفظ، لا ما قاله القرطبيّ من أن الأول هو الظاهر، فتأمله، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - " (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، وقوله: (قَالَ) مؤكّد لـ"قال" الأول، قال النوويّ رحمه الله تعالى: في هذا الكلام فائدة لطيفة، فإنه أعاد لَفْظَةَ "قال"، وإنما أعادها؛ لطول الكلام، وحصول الفصل بقوله: "يا أبا هريرة، وأعطاني نعليه"، وهذا حَسَنٌ، وهو موجودٌ في كلام العرب، جل جاء أيضًا في كلام الله تعالى، قال الله تبارك وتعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89]، قال الإمام أبو الحسن الواحديّ: قال محمد بن يزيد: قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ} [البقرة: 89] تكرير للأول؛ لطول الكلام، قال: ومثله قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)} [المؤمنون: 35]، أعاد {أَنَّكُمْ}، لطول الكلام، والله تعالى أعلم.

وأما إعطاؤه النعلين، فلتكون علامةً ظاهرةً معلومةً عندهم، يَعرِفون بها أنه لقي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويكون أوقع في نفوسهم، لما يُخْبِرهم به عنه - صلى الله عليه وسلم -، ولا يُنكَرُ كون مثل هذا يفيد تأكيدًا، وإن كان خبره مقبولًا، انتهى (?).

("اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ) بفتح اللام، مضاف إلى ياء المتكلّم، وإنما لَمْ يُكسر ما قبلها، وإن كان ذلك هو الأصل؛ لكونه مثنّى، قال ابن مالك رحمه الله تعالى في "الخلاصة":

آخِرَ مَا أُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ إِذَا ... لَمْ يَكُ مُعْتَلًّا كَـ "رَامٍ" وَ"قَذَى"

أَوْ يَكُ كَـ "ابْنَيْنِ"، وَ"زَيْدِينَ" فَذِي ... جَمِيعُهَا الْيَا بَعْدُ فَتْحُهَا احْتُذِي

وَتُدْغَمُ الْيَا فِيهِ وَالْوَاوُ وَإِنْ ... مَا قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ فَاكْسِرْهُ يَهُنْ

(هَاتَيْنِ) بدل أو عطف بيان لـ "نعليّ"، وهو تثنية "تا" اسم إشارة للمؤنّثة، كما قال في "الخلاصة":

بِـ "ذَا" لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍ أَشِرْ ... بِـ "ذِي"و "ذِهْ" "تِي" "تَا" عَلَى الأُنْثَى اقْتَصِرْ

و"ها" حرف تنبيه (فَمَنْ لَقِيتَ) بكسر آلاف، يقال: لَقِيتُه أَلْقَاهُ، من باب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015