وتداخلتُ؛ لِيَسَعني الْمَدْخَل، ومنه حديث عليّ - رضي الله عنه -: "إذا صلّت المرأة، فلتحفز" (?)، أي لتضامّ، وتَنْزَوي إذا سجدت، وكذا قال الشيخ أبو عمرو: إنه بالزاي في الأصل الذي بخطّ أبي عامر العبدريّ، وفي الأصل المأخوذ عن الجلوديّ، وإنها رواية الأكثرين، وإن رواية الزاي أقرب، من حيث المعنى، ويدُلّ عليه تشبيهه بفعل الثعلب، وهو تَضَامُّهُ للدخول في الْمَضَايِق (?).

وأما صاحب "التحرير"، فأنكر الزاي، وخَطّأَ رُوَاتها، واختار الراء، قال النوويّ: وليس اختياره بمختار، والله تعالى أعلم (?).

[تنبيه]: وقع في "مستخرج أبي عوانة" بالراء في المواضع كلها، إلَّا أنه تصحّف الأول إلى "فاحترفت" بتقديم الراء على الفاء، والظاهر أنه غلط من النّاسخ، والله تعالى أعلم.

(فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ) أي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ("أَبُو هُرَيْرَةَ؟ ") خبر لمحذوف، مع همزة الاستفهام، أي أأنت أبو هريرة؟ (فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَا شَأَنُكَ؟ ")، أي: ما حالك في دخولك عليّ في هذا المحلّ؟ (قُلْتُ: كنْتَ) بتاء الخطاب (بَيْنَ أَظْهُرِنَا) أي بيننا (فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا) أي تأخَّر رجوعك إلينا (فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا) أي تصاب بضرر قبل وصولك إلينا (فَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مِنْ فَزِعَ، فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ) أي البستان (فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي).

قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: يعني به النفر الذين كانوا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقام عنهم، وأخذوا في طلبه، وهم المعنيّون للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط، يشهد أن لا إله إلَّا الله، مستيقنًا بها قلبه، فبشّره بالجنة"، فإنه قيّده بقوله: "من لقِيتَ من وراء هذا الحائط"، ولا شكّ في أن أولئك هم من أهل الجنّة، وهذا ظاهر اللفظ، وَيحتَمِل أن يقال: إن ذلك القيد مُلْغًي، والمراد هم، وكلّ من شاركهم في التلفّظ بالشهادتين، واستيقان القلب بهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015