لأهل الصغائر والكبائر، وغيره إنما يَشفع لأهل الصغائر دون الكبائر، ونَقَل عياض أن الشفاعة الحصة به شفاعة لا تُرَدّ.
وقد وقع في حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "وأُعطيت الشفاعة، فأخّرتها لأمتي، فهي لمن لا يشرك باللَّه شيئًا".
وفي حديث عمرو بن شعيب: "فهي لكم، ولمن شَهِد أن لا إله إلا اللَّه"، فالظاهر أن المراد بالشفاعة المختصة في هذا الحديث إخراج مَن ليس له عمل صالح إلا التوحيد، وهو مختصّ أيضًا بالشفاعة الأولى، لكن جاء التنويه بذكر هذه؛ لأنها غاية المطلوب من تلك؛ لاقتضائها الراحة المستمرة، واللَّه أعلم.
وقد ثبتت هذه الشفاعة في رواية الحسن، عن أنس -رضي اللَّه عنه- عند البخاريّ في "كتاب التوحيد": "ثم أرجع إلى ربي في الرابعة، فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا اللَّه، فيقول: وعزتي وجلالي، لأُخْرِجنّ منها مَن قال: لا إله إلا اللَّه".
ولا يَعْكُر على ذلك ما وقع عند مسلم قبل قوله: "وعزتي": "فيقول: ليس ذلك لك، وعزتي. . . إلخ"؛ لأن المراد أنه لا يباشر الإخراج، كما في المرات الماضية، بل كانت شفاعته سببًا في ذلك في الجملة. انتهى ما في "الفتح"، وهو بحثٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "المساجد" [1168 و 1169] (521)، و (البخاريّ) في "التيمّم" (335) و"الصلاة" (438) و"الجهاد" (3122)، و (النسائيّ) في "الغسل" (1/ 209 و 211)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (11/ 432)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 304)، و (الدارميّ) في "سننه" (1/ 322 - 333)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (1173)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (1150 و 1151)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (6398)، و (البيهقيّ) في