(بَيْنَ يَدَيْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ) منصوب على الظرفيّة متعلّق بـ "نُصِرتُ"، قال في "الفتح": مفهومه أنه لم يوجد لغيره النصر بالرُّعْب في هذه المدة، ولا في أكثر منها، أما ما دونها فلا، لكن لفظ رواية عمرو بن شعيب: "ونُصِرت على العدو بالرعب، ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر"، فالظاهر اختصاصه به مطلقًا، وإنما جَعَل الغاية شهرًا؛ لأنه لم لِكن بين بلده وبين أحد من أعدائه أكثر منه، وهذه الخصوصية حاصلة له على الإطلاق، حتى لو كان وحده بغير عسكر، وهل هي حاصلة لأمته من بعده؟ فيه احتمال. انتهى (?).

ثم أشار إلى الخصوصيّة الخامسة بقوله:

(وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ") أي أعطاني اللَّه تعالى الشفاعة العُظمى في هول الموقف.

و"الشفاعة": هي سؤال فعل الخير، وترك الضرر عن الغير لأجل الغير على سبيل الضَّرَاعة، وذكر الأزهريّ في "تهذيبه" عن المبرد وثعلب: أن الشفاعة الدعاء، والشفاعة كلام الشفيع للملك عند حاجة يسألها لغيره، وعن أبي الهيثم أنه قال: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً} [النساء: 85] أي من يزدد عملًا إلى عمل، وفي "الجامع": الشفاعةُ: الطلبُ من فعل الشفيع، وشَفَعتُ لفلان: إذا كان متوسلًا بك، فشفعت له، وأنت شافع له، وشفيع. انتهى (?).

وقال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأقرب أن اللام في "الشفاعة" للعهد، والمراد الشفاعة العُظْمى في إراحة الناس من هول الموقف، ولا خلاف في وقوعها، وكذا جزم النوويّ وغيره.

وقيل: الشفاعة التي اختُصّ بها أنه لا يُرَدّ فيما يَسْأَلُ، وقيل: الشفاعة لخروج مَن في قلبه مثقال ذرّة من إيمان؛ لأن شفاعة غيره تقع فيمن في قلبه أكثر من ذلك، قاله عياض.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والذي يظهر لي أن هذه مرادةٌ مع الأولى؛ لأنه يتبعها بها، وقال البيهقيّ في "البعث": يَحْتَمِل أن الشفاعة التي يَخْتَص بها أنه يشفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015