"تربتها"، أو "ترابها" فليس مما يخصّ به العامّ، بل هو من باب ذكر بعض الأفراد؛ تشريفًا، واللَّه تعالى أعلم.

ثم أشار إلى الخصوصيّة الرابعة بقوله:

(وَنُصِرْتُ) بالبناء للمفعول (بِالرُّعْبِ) زاد أبو أمامة: "يُقْذَف في قلوب أعدائي"، أخرجه أحمد.

و"الرُّعْب": -بضم الراء، وسكون العين المهملة-: الخوف، وقرأ ابن عامر، والكسائيّ، بضم العين، والباقون بسكونها (?).

قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رَعَبْتُ رَعْبًا، من باب نَفَعَ: خِفْتُ، ويتعدّى بنفسه، وبالهمزة أيضًا، فيقال: رَعَبته، وأرعبته، والاسم الرُّعْبُ بالضمّ، وتُضمّ العين للإتباع. انتهى (?).

وقال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الرعب: هو الرعب الذي يقذفه اللَّه تعالى في قلوب أعدائه المشركين، كما قال تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} الآية [آل عمران: 151]، وقال في قصّة بدر: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} الآية [الأنفال: 12] انتهى (?).

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "نصِرت بالرعب": أي بقذفه من اللَّه في قلوب الأعداء بلا أسباب ظاهرية، وآلات عادية له، بل بضدّها، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كثيرًا ما يَرْبِط الحجر ببطنه من الجوع، ولا يوقد النار في بيوته، ومع هذا الحال كان الكَفَرة، مع ما عندهم من المتاع والآلات والأسباب، في خوف شديد من بأسه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا يُشْكِل بأن الناس يخافون من بعض الجبابرة مسيرة شهر وأكثر، فكانت بلقيس تخاف من سليمان -عليه الصلاة والسلام- مسيرة شهر، وهذا ظاهر، وقد بقي آثار هذه الخاصّة في خلفاء أمته ما داموا على حاله، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015