وقيل: الأحمر الإنس، والأسود الجنّ، وعلى الأول التنصيص على الإنس من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ لأنه مرسل إلى الجميع، وأصرح الروايات في ذلك وأشملها رواية أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عند مسلم: "وأرسلت إلى الخلق كافة". انتهى.

ثم أشار إلى الخصوصيّة الثانية بقوله:

(وَأحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ) فعلٌ ونائب فاعله، وفي رواية الكشميهني عند البخاريّ: "المغانم".

و"الغنائم": جمع غَنِيمة -بفتح، فكسر- يقال: غَنِمتُ الشيءَ أَغْنَمَهُ، من باب تَعِبَ، غُنْمًا بالضمّ: أصبته غَنِيمةً ومَغْنَمًا، قال أبو عُبيد: الغنيمة: ما نِيل من أهل الشرك عَنْوةً، والحرب قائمةٌ، والفَيْءُ: ما نِيلَ منهم بعدما تضع الحرب أوزارها. انتهى (?).

وقال في "العمدة": "الغنائم": جميعِ غَنِيمة، وهي مالٌ حَصَل من الكفار بإيجاف خيل وركاب، والمغانم جمع مَغْنم، وقال الجوهريّ: الغنيمة والمغنم بمعنى واحد. انتهى (?).

(وَلَمْ تُحَلَّ) يَحْتَمل أن يكون بضمّ أوله، وفتح ثالثه، مبنيًّا للمفعول، ويَحْتَمِل أن يكون بفتح أوله، وكسر ثالثه، مبنيًّا للفاعل، أي لم يُحلّها اللَّه تعالى (لِأَحَدٍ قَبْلِي) أي من الأنبياء وأممهم.

قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأما إحلال الغنائم له ولأمته خاصّةً، فقد رُوي أن من كان قبلنا من الأنبياء كانوا يحرقون الغنائم، وفي حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأُحلّت لي الغنائم آكلُها، وكان من قبلي يُعظمون أكلها، كانوا يحرقونها".

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة. . . " فذكر قصّته، وفيه: "فجمع الغنائم، فجاءت يعني النار لتأكلها، فلم تَطْعمها، فقال: إن فيكم غلولًا، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلَزِقَت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015