قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا يشمل نوحًا -عليه السلام-، فقد قال اللَّه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} الآية [نوح: 1]، وآدم -عليه السلام-، نعم قد اتّفق في وقت آدم أنه ما كان على وجه الأرض غير أولاده، فعمّت نبوّته لأهل الأرض اتّفاقًا، وكذا اتّفق مثله في نوح بعد الطوفان حيث لم يبق إلا من كان معه في السفينة، وهذا لا يؤدّي إلى العموم، وأما دعاء نوح -عليه السلام- على أهل الأرض كلّها، وإهلاكهم، فلا يَتَوقّف على عموم الدعوة، بل يكفي بلوغ الدعوة، وقد بلغت دعوته الكلّ؛ لطول مدّته، كيف، والإيمان بالنبيّ بعد بلوغ الدعوة، وثبوت النبوّة واجبٌ، سواء كان مبعوثًا إليهم أم لا، كإيماننا بالأنبياء السابقين، مع عدم بعثتهم إلينا، وفرقٌ بين المقامين. انتهى كلام السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو بحثٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.
(وَبُعِثْتُ) بالبناء للمفعول أيضًا (إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ) أي إلى كافّة الناس، كما قال اللَّه تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} الآية [سبأ: 28].
قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أراد العجم والعرب؛ لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض، وعلى ألوان العرب الأُدْمة والسُّمْرة، وقيل: أراد الجنّ والإنس، وقيل: أراد بالأحمر الأبيض مطلقًا، فإن العرب تقول: امرأة حمراء: أي بيضاءُ.
وسُئل ثعلب: لم خَصَّ الأحمر دون الأبيض؟ فقال: لأن العرب تقول: رجلٌ أبيض، من بياض اللون، وإنما الأبيض عندهم الطاهر النَّقِيّ من العيوب، فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا: الأحمر.
قال ابن الأثير: وفي هذا نظرٌ؛ فإنهم قد استعملوا الأبيض في ألوان الناس وغيرهم. انتهى كلام ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
وفي حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي: "وأُرسلت إلى الخلق كافّة"، "وبُعثت إلى الناس عامّةً"، وفي رواية النسائيّ: "وبُعثت إلى الناس كافّةً".
وقال في "الفتح": قيل: المراد بالأحمر العجم، وبالأسود العرب،