وروى عبد الرزّاق، عن ابن جريج، عن عطاء: "أن آدم أول من بنى البيت"، وقيل: بنته الملائكة قبله، وعن وهب بن منبّه: أول من بناه شيث بن آدم، والأول أثبت.
ورَوَى ابن أبي حاتم، من طريق معمر، عن قتادة، قال: وضع اللَّه البيت مع آدم لَمّا هَبَطَ، ففقد أصوات الملائكة وتسبيحهم، فقال اللَّه له: يا آدم إني قد أهبطت بيتًا يطاف به، كما يطاف حول عرشي، فانطَلِق إليه، فخرج آدم إلى مكة، وكان قد هبط بالهند، ومُدَّ له في خطوه، فأتى البيت، فطاف به، وقيل: إنه لما صلى إلى الكعبة أُمر بالتوجه إلى بيت المقدس، فاتخذ فيه مسجدًا، وصلى فيه؛ ليكون قبلةً لبعض ذريته.
وأما ظَنُّ الخطابيّ أن إيليا اسم رجل، ففيه نظر، بل هو اسم البلد، فأضيف إليه المسجد، كما يقال: مسجد المدينة، ومسجد مكة.
وقال أبو عبيد البكريّ في "معجم البلدان": إيليا مدينة بيت المقدس، فيه ثلاث لغات: مَدّ آخره، وقصره، وحذف الياء الأولى، قال الفرزدق [من الطويل]:
لَوَى ابْنُ أَبِي الرَّقْرَاقِ عَيْنَيْهِ بَعْدَ مَا ... دَنَا مِنْ أَعَالِي إِيلِيَاءَ وَغَوَّرَا
وعلى ما قاله الخطابيّ يمكن الجمع بأن يقال: إنها سُمِّيت باسم بانيها كغيرها. انتهى (?).
(وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ) أي في أيِّ مكان أدركك وقت الصلاة، فـ "أينما" اسم شرط جازم لفعلي الشرط والجزاء، وهما: "أدركتك"، و"فصلِّ"، وهو ظرف متعلّق بـ "أدركتك"، وكذا "حيثما" الآتي، وهما من أدوات الجزم التي ذكرها ابن مالك: في "الخلاصة" بقوله:
بِـ "لَا" وَلَامٍ طَالِبًا ضَعْ جَزْمَا ... فِي الْفِعْلِ هَكَذَا بَـ "لَمْ" وَ"لَمَّا"
وَاجْزِمْ بِـ "إِنْ" وَ"مَنْ" وَ"مَا" وَ"مَهْمَا" ... "أَيٍّ" "مَتَى" "أَيَّانَ" "أَيْنَ" "إِذْ مَا"
وَ"حَيْثُمَا" "أَنَّى" وَحَرْفٌ "إِذْ مَا" ... كَـ "إِنْ" وَبَاقِي الأَدَوَاتِ جَزْمَا
(فَصَلِّ) في ذلك المكان، ولا تأخّر الصلاة، وقوله: (فَهُوَ مَسْجِدٌ") الفاء