قدر على وضع شيء على عاتقه إلا بوضعه؛ لظاهر الحديث، وعن أحمد بن حنبل -رحمه اللَّه تعالى- رواية أنه تصح صلاته، ولكن يأثم بتركه.
وحجة الجمهور قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث جابر -رضي اللَّه عنه-: "فإن كان واسعًا فالْتَحِف به، وإن كان ضَيِّقًا فَأتزر به"، رواه البخاريّ، ورواه مسلم في آخر الكتاب في حديثه الطويل. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: سيأتي ترجيح القول بكون النهي للتحريم، فتنبّه.
وقال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد أجمع العلماء لمن صلّى في ثوب واحد على استحباب المخالفة بين طرفيه، ووضعهما على عاتقيه، وأنه الأفضل، بل كرهوا للمصلي أن يجرّد عاتقيه في الصلاة، قال النخعيّ: كان الرجل من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا لم يجد رداء يصلي فيه وضع على عاتقيه عِقالًا، ثم صلى، وقال النخعيّ أيضًا: كانوا يكرهون إعراء المناكب في الصلاة، خرّجهما ابن أبي شيبة في مصنّفه (?).
ولو صلى مكشوف المنكبين، فقال أكثر الفقهاء: لا إعادة عليه، وحُكي روايةً عن أحمد، وقال أبو جعفر محمد بن عليّ: عليه الإعادة؛ لارتكابه النهي، والمشهور من مذهب أحمد أنه إن صلّى الفريضة كذلك أعاد، وفي إعادة النفل عنه روايتان، وقد قيل: إن الشافعيّ نصّ على وجوبه في الصلاة، وحكى بعض المالكيّة عن أبي الفرج من أصحابهم أن ستر جميع الجسد في الصلاة لازم، وفي صحة هذا نظر.
ونصّ أحمد على أنه لو ستر أحد منكبيه، وأعرى الآخر صحّت صلاته؛ لأنه لم يرتكب النهي، فإن النهي هو إعراء عاتقيه، ولم يوجد ذلك. انتهى المقصود من كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
وقال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحديث يدلّ على المنع من الصلاة في الثوب الواحد إذا لم يكن على عاتق المصلي منه شيء، وقد حمل الجمهور هذا النهي