بعضهم، وكيف لا يكون محرّمًا، وقد غضب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- غضبًا شديدًا، وصفه الصحابيّ بأنه لم يره غضب قبله مثله، وقال: "فأيُّكم أم الناس فليتجوّز"، وأمره للوجوب، كما أن نهيه للتحريم إلا لصارف، ولا صارف هنا، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد.

9 - (ومنها): أن الأرجح كون الأمر بالتخفيف للوجوب، قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الأمر بالتخفيف صَرَّح أصحابنا -يعني الشافعيّة- وغيرهم بأنه على سبيل الاستحباب، وذهب جماعة إلى الوجوب؛ تمسكًا بظاهر الأمر، قال ابن حزم الظاهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يجب على الإمام التخفيف، إذا أمَّ جماعةً، لا يَدْري كيف طاقتهم.

وقال ابن عبد البرّ المالكيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذا الحديث أوضح الدلائل على أن أئمة الجماعة يلزمهم التخفيف؛ لأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إياهم بذلك، ولا يجوز لهم التطويل؛ لأن في الأمر لهم بالتخفيف نهيًا عن التطويل، وكذا قال ابن بطّال في "شرح البخاريّ": فيه دليل أن أئمة الجماعة يلزمهم التخفيف؛ لأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم بذلك. انتهى كلام العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأرجح عندي قول من قال بالوجوب؛ عملًا بظاهر الأمر؛ إذ لا صارف له عن الوجوب، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

10 - (ومنها): مشروعيّة التعزير على إطالة الصلاة، إذا لم يَرْضَ المأموم به، وجواز التعزير بالكلام، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في ذكر ما جاء عن أهل العلم في تخفيف الصلاة:

(اعلم): أن أحاديث الباب فيها الأمر للأئمة بتخفيف الصلاة؛ مراعاةً لحال المأمومين.

قال الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "جامعه": وهو قول أكثر أهل العلم، اختاروا أن لا يُطيل الإمام الصلاة؛ مخافة المشقّة على الضعيف، والكبير، والمريض. انتهى.

وقال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح التقريب" بعد نقل كلام الترمذيّ المذكور: وهو يقتضي خلافًا في ذلك بين أهل العلم، ولا أعلم فيه خلافًا، قال ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015