رمضان، ولم يكن صلّى المكتوبة، قالا: يصلّي معهم ركعتين، فيبني عليهما ركعتين، ويَعتدّ به من العتَمَة، وأبى ذلك سعيد بن المسيِّب، والزهريّ، وقالا: يُصلّي معهم، ثم يُصلّي العشاء وحده.

ثم رجّح ابن المنذر: قول من قال بالجواز؛ عملًا بحديث الباب (?).

وقال في "الفتح" عند شرح حديث الباب ما نصّه: واستُدِلَّ بهذا الحديث على صحة اقتداء المفتوض بالمتنفل؛ بناءً على أن معاذًا -رضي اللَّه عنه-، كان ينوي بالأولى الفرض، وبالثانية النفل، ويدلّ عليه ما رواه عبد الرزاق، والشافعيّ، والطحاويّ، والدارقطنيّ، وغيرهم، من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن جابر -رضي اللَّه عنه- في حديث الباب، زاد: "هي له تطوُّع، ولهم فريضةٌ".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهو حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه، فانتفت تُهْمة تدليسه.

فقول ابن الجوزيّ: "إنه لا يصحّ" مردود، وتعليل الطحاويّ له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتمّ من سياق ابن جريج، ولم يذكر هذه الزيادة، ليس بقادح في صحته؛ لأن ابن جريج أسنّ، وأجلّ من ابن عيينة، وأقدم أخذًا عن عمرو منه، ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ، ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه، ولا أكثر عددًا، فلا معنى للتوقّف في الحكم بصحتها.

وأما رَدّ الطحاويُّ لها باحتمال أن تكون مُدْرَجة، فجوابه أن الأصل عدم الإدراج، حتى يثبت التفصيل، فمهما كان مضمومًا إلى الحديث فهو منه، ولا سيما إذا رُوي من وجهين، والأمر هنا كذلك، فإن الشافعيِّ أخرجها من وجه آخر، عن جابر متابعًا لعمرو بن دينار عنه.

وقولُ الطحاويّ: "هو ظَنٌّ من جابر" مردودٌ؛ لأن جابرًا كان ممن يصلِّي مع معاذ، فهو محمول على أنه سمع ذلك منه، ولا يُظَنّ بجابر أنه يُخْبِر عن شخص بأمر غير مشاهَد، إلَّا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه.

قال: وأما احتجاج أصحابنا -يعني الشافعيّة- لذلك بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015