(أَدْخَلَهُ اللهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ)، قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: ظاهر هذا يقتضي أن قول هذه الكلمات يقتضي دخولَ الجَنَّة، والتخييرَ في أبوابها، وذلك بخلاف ظاهر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الآتي في "كتاب الزكاة"، فإنه فيه ما يقتضي أن كلّ من كان من أهل الجنّة إنما يدخل من الباب المعيَّن للعمل الذي كان يعمله الداخل غالبًا، فإنه قال فيه: "فمن كان من أهل الصلاة دُعِي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الرّيّان ... " الحديث (?).
قال: والتوفيق أنّ كلَّ من يدخل الجَنَّة مُخَيَّر في الدخول من أيّ باب شاء، غير أنه إذا عُرِضَ عليه الأفضل في حقّه، دخل منه مُختارًا للدخول منه، من غير جبر عليه، ولا منع له من الدخول من غيره، ولذلك قال أبو بكر - رضي الله عنه -: ما على من يُدعَى من تلك الأبواب من ضرورة. انتهى (?).
وقال الحافظ بعد ذكر كلام القرطبيّ: ويحتمل أن يكون فاعل "شاء" هو الله تعالى، والمعنى أن الله يوفقه لعملٍ يُدخله برحمة الله من الباب الْمُعَدّ لعامل ذلك العمل. انتهى (?).
وتوجيه القرطبي أقرب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.